والواحد ، والمذكّر والمؤنّث. (وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) بالتوحيد وتصديق الرسل كلّهم (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) طلب الإمساك من نفسه (بِالْعُرْوَةِ
الْوُثْقى) تأنيث الأوثق ، يعني : بالعصمة الوثيقة المحكمة التي هي
أشدّ من الحبل الوثيق المحكم المأمون (لَا انْفِصامَ لَها) لا انقطاع لها ، يقال : فصمته فانفصم إذا كسرته فانكسر
، أي : عقد لنفسه عقدا وثيقا لا يحلّه شبهة ، يعني : كما لا ينقطع من تمسّك
بالعروة الوثقى ، كذلك لا ينقطع أمر من تمسّك بالإيمان بعروض شبهة. وهذا تمثيل لما
يعلم بالنظر والاستدلال ـ من حقّية الدين ـ بالمشاهد المحسوس الّذي ينظر إليه
عيانا ، حتى يتصوّره السامع كأنّه ينظر إليه بعينه ، فيحكم اعتقاده واليقين به (وَاللهُ سَمِيعٌ) بالأقوال (عَلِيمٌ) بالنيّات. ولعلّه تهديد على النفاق.
ولمّا ذكر
سبحانه المؤمن والكافر بيّن وليّ كلّ واحد منهما بقوله : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) محبّهم أو متولّي أمرهم ومعينهم ونصيرهم في كلّ ما بهم
إليه الحاجة ، وما فيه لهم الصلاح من أمور دينهم ودنياهم وآخرتهم. ومعنى «آمنوا» :
أرادوا أن يؤمنوا (يُخْرِجُهُمْ) بهدايته وتوفيقه ولطفه بنصب الأدلّة لهم وإزاحة العلّة
عنهم (مِنَ الظُّلُماتِ) ظلمات الكفر والضلالة ، واتّباع الهوى وقبول الوساوس
والشبه المؤدّية إلى الكفر (إِلَى النُّورِ) أي : نور الهدى الموصل إلى الإيمان. والجملة الفعليّة
خبر بعد خبر ، أو حال من المستكن في الخبر ، أو من الموصول أو منهما ، أو استئناف
مبيّن أو مقرّر للولاية.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) صمّموا على الكفر (أَوْلِياؤُهُمُ
الطَّاغُوتُ) أي : الشياطين ، أو المضلّات من الهوى والشيطان وغيرهما
، أي : يتولّون أمورهم (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ
النُّورِ) من نور الأدلّة البيّنة الموصولة إلى الإيمان (إِلَى الظُّلُماتِ) ظلمات الشرك والانهماك في الشهوات ، أو من نور اليقين
إلى ظلمات الشبهات (أُولئِكَ أَصْحابُ
النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وعيد وتهديد وتحذير ، ولعلّ عدم مقابلته بوعد المؤمنين
تعظيم لشأنهم.