فيكون الحكم كالأوّل ، وهو الّذي عليه الفتوى. إلى هنا كلامه [١].
وأنا أقول :
لمّا كان القول الأخير قول جمهور المفسّرين ، ولا يذهب أحد منهم إلى القول الثاني
إلّا شاذّ منهم ، فبالحريّ أن يكون القول الثالث راجحا ، ونفي الجناح مختصّا بطلب
المهر المسمّى أو المهر المثل ، وتخصيص العامّ شائع عند العلماء لا ينكره أحد ،
كما قرّر في علم الأصول. فيكون نفي الحسن عن نفي الجناح غير حسن. ولا يكون التنافي
بينه وبين قوله : (وَمَتِّعُوهُنَ) وهو معطوف على مقدّر ، أي : فطلّقوهنّ ومتّعوهنّ ، أي :
أعطوهنّ من مالكم ما يتمتّعن به. والحكمة في إيجاب المتعة جبر إيحاش الطلاق ، وذلك
الشيء يختلف باعتبار حال الزوج ، كما قال عزّ اسمه : (عَلَى الْمُوسِعِ
قَدَرُهُ) أي : على الغنيّ الّذي هو في سعة لغناه على قدر حاله (وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) وعلى الفقير الّذي هو في ضيق على قدر حاله. ومعنى قدره
مقداره الّذي يطيقه. والقدر والقدر لغتان.
وعن الباقر [٢] والصّادق عليهماالسلام أنّ على الغنيّ دابّة أو ثوب رفيع أو عشرة دنانير من
الذهب ، وعلى المتوسّط خمسة أو ثوب متوسّط ، وعلى الفقير دينار أو خاتم ، وبه قال
الشافعي. وقال أبو حنيفة : إن نقص مهر مثلها عن ذلك فلها نصف مهر المثل.
وفي الآية
دلالة صريحة على صحّة عقد الدوام من غير ذكر مهر مطلقا ، ويسمّى تفويض البضع. وقد
يقال : تفويض المهر ، وهو أن يتزوّجها بمهر مجمل ، كأن يفوّض تقديره إلى أحدهما أو
إلى أجنبيّ ، فيلزم ما يقدّره. لكن إن كان هو الزوج لزم كلّ ما يقدّره بما يتملّك
، وإن كان الزوجة لزم ما لم يتجاوز مهر السنّة ،