ولمّا أمر
سبحانه عباده بالطاعة عقّبه بالوعيد على تركها ، فقال : (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) تنحّيتم عن الدخول في السلّم (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) الآيات والحجج الشاهدة على أنّه الحقّ (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب لا يعجزه الانتقام منكم (حَكِيمٌ) لا ينتقم إلّا بالحقّ.
ثمّ عقّب
سبحانه ما تقدّم من الوعيد بوعيد آخر ، فقال : (هَلْ يَنْظُرُونَ) استفهام في معنى النفي ، بقرينة قوله : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) أي : يأتيهم أمره أو بأسه ، كقوله : (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ)[١] وقوله : (إِذْ جاءَهُمْ
بَأْسُنا)[٢] غير أنّه ذكر ذاته تفخيما للبأس ، وهذا كما يقال : دخل
الأمير البلد ، ويراد بذلك جنده. أو يأتيهم الله ببأسه ، فحذف المأتيّ به للدلالة
عليه بقوله : «أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ»
(فِي ظُلَلٍ) جمع ظلّة ، كقلّة وقلل ، وهي ما أظلّك (مِنَ الْغَمامِ) بيان لظلل. والغمام : السحاب الأبيض. وإنّما يأتيهم
العذاب فيه لأنّه مظنّة الرحمة ، فإذا جاء منه العذاب كان أفظع ، لأنّ الشرّ إذا
جاء من حيث لا يحتسب كان أصعب ، فكيف إذا جاء من حيث يحتسب الخير؟!
(وَالْمَلائِكَةُ) بالرفع ، أي : يأتيهم الملائكة ، فإنّهم الواسطة في
إتيان أمره ، أو الآتون على الحقيقة ببأسه (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) أتمّ أمر إهلاكهم وفرغ منه ، وهو المحاسبة وإنزال أهل
الجنّة في الجنّة وأهل النار في النار. وضع الماضي موضع المستقبل لدنوّه وتيقّن
وقوعه (وَإِلَى اللهِ
تُرْجَعُ الْأُمُورُ) في سؤاله عنها ومجازاته