(فَاذْكُرُوا اللهَ) بالتلبية والتهليل والدعاء. وقيل : بصلاة العشاءين (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) جبل يقف عليه الإمام ، ويسمّى قزح. والمشعر : المعلم ،
لأنّه معلم للعبادة. وسمّيت المزدلفة جمعا لأنّ آدم اجتمع فيها مع حوّاء ، وازدلف
منها ، أي : دنا منها. وقيل : لأنّه يجمع فيها بين الصلاتين. ووصف بالحرام لحرمته.
وفيه إشعار بوجوب الكون به كما يقوله أصحابنا ، لأنّ الذكر المأمور به عنده يستلزم
الكون به ، فيكون واجبا. وهو ركن كالوقوف بعرفات ، ولو أخلّ بهما سهوا بطل حجّه ،
لا بأحدهما فتجزئ بالآخر. ووقته من طلوع الفجر العاشر إلى طلوع شمسه للمختار ،
وللمضطرّ إلى الزوال. وحدّه من المأزمين [١] إلى الحياض إلى وادي محسّر. وعند العامّة الوقوف فيه
مستحبّ.
(وَاذْكُرُوهُ كَما
هَداكُمْ) «ما» مصدريّة أو كافّة ، أي : اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة لأداء
شكرها ، فإنّ الشكر على النعمة واجب. أو واذكروه كما علّمكم كيف تذكرونه ولا
تعدلوا عنه (وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ
قَبْلِهِ) قبل الهدى (لَمِنَ الضَّالِّينَ) أي : الجاهلين ، لا تعرفون كيف تذكرونه وتعبدونه. و «إن»
هي المخفّفة من الثقيلة.
روي عن جابر :
أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا صلّى الفجر بالمزدلفة بغلس ـ وهو الظلمة الباقية
عند أوّل الفجر المعترض ـ ركب ناقته حتى أتى المشعر الحرام ، فدعا وكبّر وهلّل ولم
يزل واقفا حتى أسفر.
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ
حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) أي : من عرفة لا من المزدلفة. والخطاب مع قريش ، كما نقل
عن الباقر عليهالسلام وابن عبّاس وجماعة أنّ الأمر لقريش وحلفائهم ،
[١] في هامش النسخة
الخطّية : «المأزم : كلّ طريق ضيّق بين الجبلين. وموضع الحرب أيضا مأزم. ومنه سمّي
الموضع الذي بين المشعر وبين عرفة مأزمين. منه».