ويقال لهم الحمس [١] ، لتشدّدهم في دينهم ، فإنّهم كانوا يقفون بجمع وسائر
العرب بعرفة ، ويرون ذلك ترفّعا على الناس ، فلا يساووهم في الموقف ، ويقولون :
نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه ، فأمرهم الله تعالى بموافقة سائر العرب.
وقيل : «النّاس»
هو آدم عليهالسلام. وقيل : هو إبراهيم عليهالسلام ، أي : أفيضوا من حيث أفاض. وسمّاه بالناس كما سمّاه
أمّة [٢] ، وكما قال : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ
النَّاسُ)[٣].
والمراد نعيم
بن مسعود. أو أنّه أراد إبراهيم عليهالسلام وولديه ، وفي ذلك تنبيه على أن الحجّ من السنن القديمة.
وعن الجبّائي : المراد به الإفاضة من المزدلفة إلى منى يوم النحر قبل طلوع الشمس
للرمي والنحر ، قال : والآية تدلّ عليه ، لأنّه قال : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) ثمّ قال : (ثُمَّ أَفِيضُوا) فوجب أن يكون إفاضة ثانية ، فدلّ ذلك على أنّ الإفاضتين
واجبتان.
وقال في كنز
العرفان : «هذا الوجه أقوى في نفسي ، لأنّه ذكر إفاضة عرفات أوّلا ، فوجب كون هذه
غير تلك ، تكثيرا للفائدة بتغاير الموضوع. وأيضا تكون «ثمّ» على حقيقتها من المهلة
والترتيب ، فيكون «أفيضوا» معطوفا على : اذكروا ، والمهلة هي أوّل الوقت إلى آخره.
والمراد بالناس على هذا قيل : هم الحمس ، كما حكينا وقوفهم بالمزدلفة. وقيل : هو
إبراهيم عليهالسلام. وقيل : آدم عليهالسلام كما ذكر. وعلى القول الأوّل معنى الترتيب أنّ التراخي
كما يكون في الزمان كذا يكون في المرتبة ، كقوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا
سَوْفَ تَعْلَمُونَ)[٤] فإنّ مراتب العلم
[١] في هامش النسخة
الخطّية : «الحمس : الشدّة ، والأحمس : المكان الصّلب ، والأحمس أيضا : الشديد
الصلب في الدين. منه».