مسلّم دعا إلى الله تعالى بدعوة ، ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم ، إلا أعطاه
بها إحدى خصال ثلاث : إمّا أن يعجّل دعوته ، وإمّا أن يدّخر له في الآخرة ، وإمّا
أن يدفع عنه السوء».
وروي عن جابر
بن عبد الله الأنصاري قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ العبد ليدعو الله وهو يحبّه ، فيقول : يا جبرئيل
لا تقض لعبدي هذا حاجته وأخّرها ، فإنّي أحبّ أن لا أزال أسمع صوته ، وإنّ العبد
ليدعو الله وهو يبغضه ، فيقول : يا جبرئيل اقض لعبدي هذا حاجته بإخلاصه وعجّلها ،
فإنّي أكره أن أسمع صوته».
وروي عن أمير
المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «ربّما أخّرت عن العبد إجابة الدعاء ، ليكون
أعظم لأجر السائل ، وأجزل لعطاء الآمل».
وقيل لإبراهيم
بن أدهم : «ما بالنا ندعوا الله سبحانه فلا يستجيب لنا؟ فقال : لأنّكم عرفتم الله
فلم تطيعوه ، وعرفتم رسول الله فلم تتّبعوا سنّته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا بما
فيه ، وأكلتم نعمة الله فلم تؤدّوا شكرها ، وعرفتم الجنّة فلم تطلبوها ، وعرفتم
النار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ، ووافقتموه ، وعرفتم الموت
فلم تستعدّوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم ، وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب
الناس».
قال في الأنوار
: «واعلم أنّه لمّا أمرهم بصوم الشهر ومراعاة العدّة ، وحثّهم على القيام بوظائف
التكبير والشكر ، عقّبه بهذه الآية الدالّة على أنّه خبير بأحوالهم ، سميع لأقوالهم
، مجيب لدعائهم ، مجازيهم على أعمالهم ، تأكيدا له ، وحثّا عليه» [١].