(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لما قاله الموصي من العدل أو الجنف (عَلِيمٌ) بما يفعله الوصيّ من التصحيح أو التبديل. وقيل : سميع
بجميع المسموعات ، عليم بجميع المعلومات. وعلى التقادير وعيد للمبدّل بغير حقّ.
ولمّا تقدّم
الوعيد لمن بدّل الوصيّة ، بيّن في هذه الآية أنّ ذلك يلزم من غيّر حقّا بباطل ،
فأمّا من غيّر باطلا بحقّ فهو محسن ، فقال : (فَمَنْ خافَ مِنْ
مُوصٍ) أي : توقّع وعلم ، وقد شاع في كلامهم : أخاف أن يقع كذا
، يريدون التوقّع والظنّ الغالب الجاري مجرى العلم (جَنَفاً) ميلا عن الحقّ بالخطإ في الوصيّة (أَوْ إِثْماً) تعمّدا للحيف (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) بين الورثة والموصى لهم ، بإجرائهم على نهج الشرع (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في هذا التبديل ، لأنّه تبديل باطل إلى حقّ ، بخلاف
الأوّل (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) وعد للمصلح. وذكر المغفرة لمطابقة ذكر الإثم ، وكون
الفعل من جنس ما يؤثم.
ثمّ بيّن
سبحانه فريضة أخرى ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُتِبَ) فرض ووجب (عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من الأنبياء وأممهم ، من لدن عهد آدم إلى عهدكم. يروى
عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : أوّلهم آدم. يعني : أنّ الصوم عبادة قديمة
ما أخلى الله أمّة من إيجابها عليهم لم يوجبها عليكم وحدكم.