(حَقًّا) مصدر مؤكّد ، أي : حقّ ذلك حقّا واجبا (عَلَى الْمُتَّقِينَ) على من آثر التقوى.
قالوا : إنّ
هذا الحكم كان في بدء الإسلام ، فنسخ بآية المواريث ، وبقوله : «إنّ الله أعطى كلّ
ذي حقّ حقّه ، ألا لا وصيّة لوارث».
وفيه بحث ، لأن
آية المواريث لا تعارضه ، بل تؤكّده ، من حيث إنّها تدلّ على تقديم الوصيّة مطلقا.
والحديث من الآحاد ، ولم يجوّز أصحابنا نسخ القرآن بخبر الواحد. وقالوا : إنّ
الوصيّة لذي القرابة من أوكد السّنن.
ورووا عن
الباقر عليهالسلام أنّه سئل : «هل تجوز الوصيّة للوارث؟ فقال : نعم ، وتلا
هذه الآية».
وروى السّكوني
، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن عليّ عليهالسلام قال : «من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممّن لا يرث فقد
ختم عمله بمعصية».
وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من مات بغير وصيّة مات ميتة جاهليّة».
وروي عن أبي
عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت إلّا ووصيّته
تحت رأسه».
ثمّ أوعد
سبحانه على تغيير الوصيّة ، فقال : (فَمَنْ بَدَّلَهُ) غيّر الإيصاء عن وجهه ، من الأوصياء والشهود (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) وصل إليه وتحقّق عنده (فَإِنَّما إِثْمُهُ
عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) أي : فما إثم الإيصاء المغيّر أو إثم التبديل إلّا على
مبدّليه ، دون غيرهم من الموصي والموصى له ، لأنّه الّذي حاف [١] وخالف الشرع ،
والموصي والموصى له بريئان من الحيف. وفي الآية دلالة على أنّ الوصيّ أو الوارث
إذا فرّط في الوصيّة أو غيّرها لا يأثم الموصي بذلك ، ولم ينقص من أجره شيء ،
وأنّه لا يجازى أحد على عمل غيره.