وفيه توكيد للحكم ، وترغيب في الفعل ، وتطييب على النفس.
والصوم في
اللغة الإمساك عمّا تنازع إليه النفس. وفي الشرع الإمساك عن المفطرات المعلومة
شرعا ، فإنّها معظم ما تشتهيه الأنفس.
(لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ) المعاصي ، فإنّ الصوم يكسر الشهوة الّتي هي مبدأها ،
والصائم أردع لنفسه عن مواقعة السوء. عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «خصاء أمّتي الصوم». وعنه عليهالسلام : «من لم يستطع الباه فليصم ، فإنّ الصوم له وجاء» [١]. أو تتّقون
بالمحافظة عليها وتعظيمها [٢] بعدم الإخلال بأدائه ، لأصالته وقدمه. وتخصيص المؤمنين
بالخطاب لقبولهم لذلك ، ولأنّ العبادة لا تصحّ إلّا منهم ، ووجوبه عليهم لا ينافي
وجوبه على غيرهم.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) مؤقّتات بعدد معلوم أو قلائل ، فإنّ القليل من المال
يعدّ عدّا ، كقوله : (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ)[٣] ، والكثير يهال [٤] هيلا. ونصبها ليس بالصيام ، لوقوع الفصل بينهما ، بل
بإضمار «صوموا» لدلالة الصيام عليه. والمراد بها رمضان ، أو ما وجب صومه قبل وجوبه
ونسخ به ، وهو عاشوراء ، أو ثلاثة أيّام من كلّ شهر ، كما قال قتادة. أو بـ «كما
كتب» على الظرفيّة ، أو على أنّه مفعول ثان لـ «كتب عليكم» على السعة.
وقيل : معناه :
صومكم كصومهم في عدد الأيّام ، كما روي أنّ رمضان كتب على النصارى ، فوقع في برد
أو حرّ شديد ، فحوّلوه إلى الربيع ، وزادوا عليه عشرين
[١] الباه : النكاح
والجماع. والوجء : أن ترضّ أنثيا الفحل ـ أي : تدقّ وتكسر ـ رضّا شديدا يذهب شهوة
الجماع. ومعنى الحديث : أن من لم يستطع التزويج فعليه بالصوم ، فإنه سبب كسر
الشهوة. وقريب منه الحديث الأوّل.
[٢] أي : بالمحافظة
على عبادة الصوم وتعظيمها ، ومرجع الضمير يعلم بقرينة المقام.