أصله : وما يخرجون ، فعدل إلى هذه العبارة للمبالغة في الخلود ، والإقناط
عن الخلوص والرجوع إلى الدنيا. وفي «هم» دلالة على قوّة أمرهم فيما أسند إليهم لا
على الاختصاص.
ولمّا قدّم
سبحانه ذكر التوحيد وأهله ، والشرك وأهله ، أتبع ذلك بذكر ما تتابع منه سبحانه على
الفريقين من النعم والإحسان ، ليجعلوها وسيلة إلى شكر منعمها الحقيقي ، وينقادوا
لأمره ، وينتهوا عن اتّباع الشيطان ، لما في ذلك من الجحود لنعمه والكفران ، فقال
خطابا عامّا لجميع المكلّفين من بني آدم : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
كُلُوا) لفظه لفظ الأمر ومعناه الإباحة (مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً). عن ابن عبّاس : أنّها نزلت في قوم حرّموا على أنفسهم
رفيع الملابس ولذيذ المطاعم. و «حلالا» مفعول «كلوا» أو صفة مصدر محذوف ، أو حال «ممّا
في الأرض». و «من» للتبعيض ، لأنّ كلّ ما في الأرض غير مأكول «طيّبا» طاهرا من كلّ
شبهة. وقيل : الطيّب هو الحلال ، فجمع بينهما لاختلاف اللفظين تأكيدا. وقيل :
معناه تستطيبونه وتستلذّونه في العاجل والآجل.
(وَلا تَتَّبِعُوا
خُطُواتِ الشَّيْطانِ) يقال : اتّبع خطواته ، ووطئ على عقبه ، أي : اقتدى به
واستنّ بسنّته. فالمعنى : لا تقتدوا به في اتّباع الهوى ، فتحرّموا الحلال
وتحلّلوا الحرام.