وقرأ نافع وأبو
عمرو وحمزة بتسكين الطاء ، وهما لغتان ، جمع خطوة ، وهو ما بين قدمي الخاطي ، وهي
المرّة من الخطو ، كالغرفة والغرفة ، والقبضة والقبضة.
(إِنَّهُ لَكُمْ
عَدُوٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة عند ذوي البصيرة ، وإن كان يظهر الموالاة
لمن يغويه ، ولذلك سمّاه وليّا في قوله : (أَوْلِياؤُهُمُ
الطَّاغُوتُ)[١].
وهذه الآية
دالّة على إباحة المأكل إلّا ما دلّ الدليل على حظره ، فجاءت مؤكّدة لما في العقل.
ثمّ بيّن
عداوته ووجوب التحرّز عن متابعته ، فقال : (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ
بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ) أي : لا يأمركم بخير قطّ ، واستعير الأمر لتزيينه وبعثه
لهم على الشرّ ، تسفيها لرأيهم ، وتحقيرا لشأنهم. والسوء والفحشاء ما أنكره العقل
، واستقبحه الشرع. والعطف لاختلاف الوصفين ، فإنّ ما أنكره العقل سوء لاغتمام
العاقل به ، وفحشاء باستقباحه إيّاه. وقيل : السوء يعمّ القبائح ، والفحشاء ما
يتجاوز الحدّ في القبح من الكبائر ، كالشرك وقتل النفس المعصومة والزنا. وقيل :
الأول ما لا حدّ فيه ، والثاني ما شرع فيه الحدّ.
(وَأَنْ تَقُولُوا
عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) كاتّخاذ الأنداد ، وتحليل المحرّمات ، وتحريم الطيّبات.
ويدخل فيه كلّ ما يضاف إلى الله تعالى ممّا لا يجوز عليه ، وجميع الاعتقادات
الباطلة والمذاهب الفاسدة. وفيه دليل على المنع من اتّباع الظنّ رأسا. وأمّا اتّباع
المجتهد لما أدّى إليه ظنّ مستند إلى مدرك شرعيّ ـ كخبر الواحد ـ فوجوبه قطعيّ ،
والظنّ في طريقه ، فإنّ ظنّية الطريق لا تنافي قطعيّة الحكم ، كما بيّن في الكتب
الأصوليّة.