الإنسان من مكروه ، لقوله عليهالسلام : «كلّ شيء يؤذي المؤمن فهو مصيبة». وليس الصبر
بالاسترجاع باللّسان ، بل به وبالقلب ، بأن يتصوّر معنى الاسترجاع ، وهو أنّه ما
خلق لأجله ، وأنّه راجع إلى جزاء ربّه ، ويتذكّر نعم الله عليه ليرى أن ما أبقى
عليه أضعاف ما استردّه منه ، فيهون على نفسه ويستسلم له.
والمبشّر به
محذوف دلّ عليه قوله : (أُولئِكَ) الّذين وصفهم الله بأنّهم من الصّابرين المسترجعين
المستسلمين لقضاء الله (عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ
مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) الصّلاة في الأصل الدعاء ، ومن الله العطوفة والرأفة
المستلزمتان المغفرة والتزكية واللطف والإحسان. جمع بينها وبين الرحمة للتنبيه على
كثرتها وتنوّعها ، كقوله : (رَأْفَةً وَرَحْمَةً)[١] و (رَؤُفٌ رَحِيمٌ)[٢]. والمعنى : عليهم رأفة بعد رأفة ، ورحمة أيّ رحمة.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته ، وأحسن
عقباه ، وجعل له خلفا صالحا يرضاه».
وعن الصادق عليهالسلام ، عن آبائه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أربع من كنّ فيه كتبه الله من أهل الجنّة : من
كانت عصمته شهادة أن لا إله إلّا الله ، ومن إذا أنعم الله عليه النعمة قال :
الحمد لله ، ومن إذا أصاب ذنبا قال أستغفر الله ، ومن إذا أصابته مصيبة قال : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)».
روي : «أنّه
طفئ سراج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ، فقيل : أمصيبة هي؟ قال : نعم ، كلّ شيء يؤذي المؤمن
فهو له مصيبة».
(وَأُولئِكَ هُمُ
الْمُهْتَدُونَ) للحقّ والصّواب ، حيث استرجعوا وسلّموا أنفسهم لحكم
الله وقضائه.