ويريهم أنّ رحمته لا تفارقهم ، أو بالنسبة إلى معانديهم في الآخرة. وإنّما
أخبرهم به قبل وقوعه ليوطّنوا عليه نفوسهم.
(وَنَقْصٍ مِنَ
الْأَمْوالِ) عطف على شيء أو الخوف. وسبب النقص الانقطاع بالجهاد عن
العمارة. وقيل : المراد هلاك المواشي ، أو أداء الزكوات والصّدقات ، أو مطلق
الخسران والغبن (وَالْأَنْفُسِ) بالأمراض ، أو بموت الأقارب والأحبّة في الجهاد وغيره (وَالثَّمَراتِ) بذهاب حمل الأشجار بسبب الآفات السّماويّة ، وارتفاع
البركات ، أو لاشتغالهم بالقتال عن عمارة البستان ، وعن مناكحة النسوان ، فتقلّ
ثمرات البساتين وحمل البنات والبنين بذلك. وقيل : أراد به موت الأولاد ، لأنّ
الولد ثمرة القلب.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة : أقبضتم
ولد عبدي؟ فيقولون : نعم ، فيقول الله : أقبضتم ثمرة قلبه؟ فيقولون : نعم ، فيقول
الله : ماذا قال عبدي؟ فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول الله عزوجل : ابنوا لعبدي بيتا في الجنّة وسمّوه بيت الحمد.
(وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ) بما لهم على الصبر في تلك المشاقّ والمكاره من المثوبة
الجزيلة والعاقبة الجميلة.
ثمّ وصف عزّ
اسمه الصّابرين بقوله : (الَّذِينَ إِذا
أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) نالتهم بليّة في النفس أو المال فوطّنوا أنفسهم على ذلك
احتسابا للأجر (قالُوا إِنَّا لِلَّهِ) إقرارا بالعبوديّة والملكيّة ، أي : نحن عبيد الله
ومماليكه (وَإِنَّا إِلَيْهِ
راجِعُونَ) إقرارا بالبعث والنشور ، أي : نحن إلى حكمه نصير. ولهذا
قال عليّ عليهالسلام : «إنّ قولنا : (إِنَّا لِلَّهِ) إقرار على أنفسنا بالملك (وَإِنَّا إِلَيْهِ
راجِعُونَ) إقرار على أنفسنا بالهلك».
والخطاب للرسول
، أو لمن تتأتّى منه البشارة. والمصيبة تعمّ ما يصيب