اللّام للعهد والإشارة إلى الحقّ الّذي عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن يكون للجنس على معنى : الحقّ ما ثبت أنّه من الله
تعالى كالّذي أنت عليه ، لا ما لم يثبت كالّذي عليه أهل الكتاب. ويجوز أن يكون «الحقّ»
خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو الحقّ ، فيكون «من ربّك» في محلّ النصب على الحال ، أو
يكون خبرا بعد خبر.
(فَلا تَكُونَنَّ مِنَ
الْمُمْتَرِينَ) الشاكّين أنّه من ربّك ، أو في كتمانهم الحقّ عالمين
به. وليس المراد به نهي الرسول عن الشكّ فيه ، لأنّه غير متوقّع منه ، بل إمّا
تحقيق الأمر وأنّه بحيث لا يشكّ فيه ناظر ، أو أمر الأمّة باكتساب المعارف المزيلة
للشّك على الوجه الأبلغ ، لأنّ النهي عن الشيء أمر بضدّه.
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ) ولكلّ أمّة من أهل الأديان المختلفة قبلة ، والتنوين
عوض المضاف إليه (هُوَ مُوَلِّيها) أحد المفعولين محذوف ، أي : هو مولّيها وجهه ، أو الله
تعالى مولّيها إيّاه. وقرأ ابن عامر : مولّاها ، أي : هو مولّى تلك الجهة ، أي :
جعل وجهه إيّاها وجاعله هو الله. ويجوز أن يكون المعنى : ولكلّ منكم يا أمّة محمد
جهة يصلّي إليها ، جنوبيّة أو شماليّة ، أو شرقيّة أو غربيّة ، حال كون كلّ منها
مسامتة للكعبة.
(فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْراتِ) أي : سارعوا إلى الطاعات من أمر القبلة وغيره ممّا ينال
به سعادة الدارين ، أو الفاضلات من الجهات ، وهي الجهات المسامتة للكعبة وإن
اختلفت.
(أَيْنَ ما تَكُونُوا) في أيّ موضع تكونوا من موافق ومخالف ، مجتمع الأجزاء
ومتفرّقها (يَأْتِ بِكُمُ اللهُ
جَمِيعاً) يحشركم الله إلى المحشر للجزاء ، أو أينما تكونوا من
أعماق الأرض وقلل الجبال يقبض أرواحكم. قال الرضا عليهالسلام : وذلك والله أن لو قام قائمنا يجمع الله إليه جميع
شيعتنا من جميع البلدان. وقيل : معناه : أيّ موضع كنتم من الجهات المختلفة يجمعكم
، ويجعل صلواتكم كأنّها إلى جهة