وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما. ولفظة «ما» يسأل به عن كلّ شيء ما لم يعرف
، فإذا عرف خصّ العقلاء بـ «من» إذا سئل عن تعيينه. ويجوز أن يقال : (ما تَعْبُدُونَ) سؤال عن صفة المعبود ، كما إذا سئل عن وصف زيد قيل : ما
زيد؟ أفقيه أم طبيب؟
(قالُوا نَعْبُدُ
إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) عطف بيان لآبائك. وجعل إسماعيل وهو عمّه من جملة آبائه
، لأنّ العمّ أب والخالة أمّ ، لانخراطهما في سلك واحد وهو الأخوّة ، لا تفاوت
بينهما ، ومنه قوله عليهالسلام : عمّ الرجل صنو [١] أبيه ، أي : لا تفاوت بينهما ، كما لا تفاوت بين صنوي
النخلة. وقال في العبّاس : هذا بقيّة آبائي. وقال : ردّوا عليّ أبي ، فإنّي أخشى
أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود. وقدّم ذكره على إسحاق لأنّه كان
أكبر منه ، وكان عمّ يعقوب ، وجعله أبا له ، وكان جدّا لنبيّنا.
وقوله : (إِلهاً واحِداً) بدل من (إِلهَ آبائِكَ) كقوله : (بِالنَّاصِيَةِ *
ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ)[٢]. وفائدته التصريح بالتوحيد ، ونفي الوهم الناشئ من
تكرير المضاف ، لتعذّر العطف على المجرور. أو نصب على الاختصاص ، أي : نريد بإله
آبائك إلها واحدا.
(وَنَحْنُ لَهُ
مُسْلِمُونَ) حال من فاعل «نعبد» ، أو مفعوله ، لرجوع الضمير إليه في
«له» ، أو منهما. ويحتمل أن يكون اعتراضا ، أي : ومن حالنا أنّا له مسلمون مخلصون
له التوحيد ، أو مذعنون. ويجوز أن يكون جملة معطوفة على «نعبد».
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ
خَلَتْ) إشارة إلى الأمّة المذكورة ، يعني : أنّ إبراهيم ويعقوب
وبنيهما قد مضت. والأمّة في الأصل ما يقصد به. ويسمّى بها الجماعة ، لأنّ الفرق
تؤمّها ، أي : تقصدها.
[١] الصنو : الأخ ،
وإذا خرجت نخلتان من أصل واحد فكلّ واحدة منها صنو.