(إِنَّ اللهَ اصْطَفى
لَكُمُ الدِّينَ) أي : أعطاكم دين الإسلام الّذي هو صفوة الأديان ،
ووفّقكم للأخذ به ، لقوله : (فَلا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي : فلا يكن موتكم إلّا على كونكم ثابتين على الإسلام
، فظاهره النهي عن الموت على خلاف حال الإسلام. والمقصود هو النهى عن أن يكونوا
على خلاف تلك الحال إذا ماتوا ، والأمر بالثبات على الإسلام ، كقولك : لا تصلّ
إلّا وأنت خاشع ، فلا تنهاه عن الصّلاة ، ولكن على ترك الخشوع. وتغيير العبارة
للدلالة على أنّ موتهم لا على الإسلام موت لا خير فيه ، وأنّ من حقّ الموت أن لا
يحلّ بهم. ونظيره في الأمر : مت وأنت شهيد ، وليس مرادك الأمر بالموت ، ولكن على
صفة الشهداء.
(أَمْ كُنْتُمْ
شُهَداءَ) أي : حاضرين ، جمع الشهيد بمعنى الحاضر. «أم» منقطعة ،
أي : بل أكنتم شهداء. ومعنى الهمزة فيها الإنكار ، أي : ما كنتم حاضرين (إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) حين احتضر وقال لبنيه ما قال ، فلم تدّعون اليهوديّة
عليه؟! أو متّصلة بمحذوف ، تقديره : أكنتم غائبين أم كنتم شهداء؟
وقيل : الخطاب
للمؤمنين ، والمعنى : ما شاهدتم ، وإنّما علمتموه من الوحي.
(إِذْ قالَ لِبَنِيهِ) بدل من «إذ حضر» (ما تَعْبُدُونَ مِنْ
بَعْدِي) أيّ شيء تعبدونه من بعد وفاتي؟ فحذف المضاف. أراد به
تقريرهم على التوحيد والإسلام ،
[١] في ضبط هذه
الأسماء اختلاف ، انظر التبيان ١ : ٤٨٢ ، مجمع البيان ١ : ٢١٧ ، أنوار التنزيل ١ :
١٩٠.