(لَها ما كَسَبَتْ
وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) لكلّ أجر عمله. والمعنى : أنّ أحدا لا ينفعه كسب غيره ،
متقدّما كان أو متأخّرا ، فكما أنّ أولئك لا ينفعهم إلا ما اكتسبوا ، فكذلك أنتم
لا ينفعكم إلا ما اكتسبتم ، فانتسابكم إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمالهم ، وإنّما
تنتفعون باتّباعهم ، كما وقع في الحديث : «يا بني هاشم لا يأتيني الناس بأعمالهم ،
وتأتوني بأنسابكم» يعني لا يكن من الناس : إتيان الأعمال ، ومنكم إتيان الأنساب ،
بل ليكن من الجميع إتيان الأعمال.
(وَلا تُسْئَلُونَ
عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ولا تؤاخذون بسيّئاتهم ، كما لا تثابون بحسناتهم.
وفي هذه الآية
ردّ للّذين افتخروا بآبائهم كما كان دأب الجاهليّة ، ودلالة على بطلان قول
المجبّرة : إنّ الأبناء يؤاخذون بذنوب الآباء ، وإنّ ذنوب المسلمين تحمل على
الكفّار.
عن ابن عبّاس :
أنّ عبد الله بن صوريا وكعب بن الأشرف ومالك بن الضّيف وجماعة من اليهود ونصارى
أهل نجران خاصموا أهل الإسلام ، كلّ فرقة تزعم أنّها أحقّ بدين الله من غيرها ،
فقالت اليهود : نبيّنا موسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا التوراة أفضل الكتب ، وقالت
النصارى : نبيّنا عيسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا الإنجيل أفضل