وقال في
الكشّاف : «وعن ابن عيينة : لا يكون الظالم إماما قطّ ، وكيف يجوز نصب الظالم
للإمامة؟! والإمام إنّما هو لكفّ الظلمة ، فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء
المثل السائر : من استرعى الذئب ظلم» [١] انتهى كلامه.
ففيه دليل على
وجوب العصمة للإمام ، سواء كان نبيّا أو من استخلفه للإمامة ، قبل البعثة والنصب
أو بعدهما. فالفاسق لا يصلح للإمامة ، وكيف يصلح للإمامة من لا يجوز حكمه وشهادته
، ولا تجب إطاعته ، ولا يقبل خبره ، ولا يقدّم للصلاة ، وعلى جميع أهل الإسلام يجب
أن ينهوه عمّا صدر منه من الأمور المستقبحة شرعا وعقلا ، ويتنفّروا ويكرهوا عن
أفعاله القبيحة؟! وعلى [٢] أنّه يجوز أن يعطي ذلك بعض ولده إذا لم يكن ظالما ،
لأنّه لو لم يرد أن يجعل أحدا منهم إماما للناس لوجب أن يقال في الجواب : لا ، أو
: لا ينال عهدي ذرّيّتك.
وقال صاحب
المجمع : «استدلّ أصحابنا بهذه الآية على أنّ الإمام لا يكون إلّا معصوما عن
القبائح ، لأنّ الله سبحانه نفي أن ينال عهده ـ الّذي هو الإمامة ـ ظالم ، ومن ليس
بمعصوم فقد يكون ظالما ، إمّا لنفسه وإمّا لغيره.
فإن قيل :
إنّما نفي أن يناله ظالم في حال ظلمه ، فإذا تاب لا يسمّى ظالما ، فيصحّ أن يناله.
فالجواب : أنّ
الظالم وإن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما ، فإذا
نفي أن يناله فقد حكم عليه بأنّه لا ينالها ، والآية مطلقة غير مقيّدة بوقت دون
وقت ، فيجب أن تكون محمولة على الأوقات كلّها ، فلا ينالها الظالم وإن تاب فيما
بعد» [٣].