(وَإِذْ جَعَلْنَا
الْبَيْتَ) أي : الكعبة ، غلّب عليها كالنجم على الثريّا (مَثابَةً لِلنَّاسِ) مرجع يثاب ، أي : يرجع إليه كلّ عام ، أي : يثوب إليه
الحجّاج والعمّار. أو موضع ثواب يثابون بحجّه واعتماره (وَأَمْناً) أي : وموضع أمن لا يتعرّض لأهله ، كقوله : (حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ
حَوْلِهِمْ)[١]. أو يأمن حاجّه من عذاب الآخرة ، من حيث إنّ الحجّ يجبّ
ما قبله ، أو لا يتعرّض ولا يؤخذ الجاني الملتجئ إليه حتى يخرج ، لكن يضيّق عليه
في المطعم والمشرب والبيع والشراء حتى يخرج منه فيقام عليه ، فإن أحدث فيه ما يوجب
الحدّ أقيم عليه الحدّ فيه ، لأنّه هتك حرمة الحرم. وكان قبل الإسلام يرى الرجل
قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرّض له ، وهذا شيء كانوا قد توارثوه من دين إسماعيل عليهالسلام ، فبقوا عليه إلى أيّام نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقوله : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) على إرادة القول ، أي : وقلنا اتّخذوا منه موضع صلاة
تصلّون فيه. أو اعتراض معطوف على مضمر ، تقديره : ثوبوا إليه واتّخذوا ، على أنّ
الخطاب لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومقام إبراهيم
هو الموضع الّذي كان فيه الحجر الّذي فيه أثر قدمه حين قام عليه ودعا الناس إلى
الحجّ ، أو وضع قدمه عليه قبل بناء البيت ، فظهر أثر قدمه فيه.
وهو الأصحّ ،
كما سيجيء تفصيله. فأمر بالصلاة عنده بعد الطواف ، كما روى جابر أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا فرغ من طوافه عمد إلى مقام إبراهيم فصلّى خلفه
ركعتين.