فالآية مشعرة
على فساد ما قالوه [١] من ثلاثة أوجه :
أحدها : قوله «سبحانه».
والثاني : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
والثالث : قوله
: (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ).
ولمّا نزّه
سبحانه نفسه عن اتّخاذ الأولاد ، ودلّ عليه بأنّ له ما في السموات والأرض ، أكّد
ذلك بحجّة رابعة وقال : (بَدِيعُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) من إضافة الصفة المشبّهة إلى فاعلها ، أي : بديع
سماواته وأرضه ، من «بدع» فهو بديع. وقيل : هو بمعنى المبدع ، كما يجيء السميع
بمعنى ، المسمع ، أي : منشئ السّماوات والأرض من غير سبق مثال.
وتقرير هذه
الحجّة : أنّ الوالد عنصر الولد المنفصل بانفصال مادّته عنه ، والله سبحانه مبدع
الأشياء كلّها ، فاعل على الإطلاق ، منزّه عن الانفعال ، فلا يكون والدا.
والإبداع
اختراع الشيء لا عن شيء دفعة. وهو أليق بهذا الموضع من الصنع الّذي هو تركيب
الصورة بالعنصر ، والتكوين الّذي يكون بتغيير وفي زمان غالبا.
(وَإِذا قَضى أَمْراً) أي : أراد شيئا. وأصل القضاء إتمام الشيء قولا ، كقوله
: (وَقَضى رَبُّكَ)[٢] ، أو فعلا كقوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ
سَماواتٍ)[٣]. وأطلق على تعلّق الإرادة الإلهيّة بوجود الشيء من حيث
إنّه يوجبه. (فَإِنَّما يَقُولُ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) من «كان» التامّة ، أي : أحدث فيحدث. وليس المراد به
حقيقة أمر وامتثال ، بل تمثيل