الحقّ أن يدخلوها إلا خائفين من المؤمنين أن يبطشوا بهم ، فضلا عن أن
يمنعوهم منها. أو ما كان لهم في علم الله تعالى وقضائه ، فيكون وعدا للمؤمنين
بالنصرة واستخلاص المساجد منهم ، وقد أنجز وعده.
وقيل : معناه
النهي عن تمكينهم من الدخول في مسجد من المساجد. وهو مذهب الإماميّة. فقد روي أنّ
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر أن ينادي : ألا لا يحجّنّ بعد هذا العام ـ يعني :
عام الحديبية ـ مشرك ، ولا يطوفنّ بالبيت عريان. وجوّزه أبو حنيفة ، ومنع مالك ،
وفرّق الشافعي بين المسجد الحرام وغيره. والحقّ الأوّل ، لإجماع أهل الحقّ على
المنع.
(لَهُمْ فِي الدُّنْيا
خِزْيٌ) قتل وسبي ، أو ذلّة بضرب الجزية عليهم (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) في نار جهنّم بكفرهم وظلمهم.
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ
وَالْمَغْرِبُ) يريد بهما ناحيتي الأرض ، أي : له الأرض كلّها لا يختصّ
به مكان دون مكان ، فإن منعتم أن تصلّوا في المسجد الحرام أو الأقصى فقد جعلت لكم
الأرض مسجدا (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) ففي أيّ مكان فعلتم التولية شطر القبلة (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أي : جهته الّتي أمر بها ، فإنّ إمكان التولية لا يختصّ
بمسجد أو مكان. أو فثمّ ذاته ، أي : عالم مطّلع بما يفعل فيه.
(إِنَّ اللهَ واسِعٌ) بإحاطته بالأشياء أو برحمته ، يريد التوسعة على عباده
والتيسير عليهم (عَلِيمٌ) بمصالحهم وأعمالهم في الأماكن كلّها.
وقيل : نزلت في
صلاة التطوّع على الراحلة للمسافر أينما توجّهت ، وأمّا الفرائض فقوله : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ)[١]. يعني : أنّ الفرائض لا تصلّيها إلّا إلى القبلة. وهو
المرويّ عنهم عليهمالسلام. قالوا : وصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إيماء على راحلته أينما توجّهت ، حيث خرج إلى خيبر ،
وحين رجع من مكّة ، وجعل