قالوا :
فأخبرنا عن ربّك ما هو؟ فأنزل الله سبحانه (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) إلى آخر السورة.
فقال ابن صوريا
: خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك واتّبعتك ، أيّ ملك يأتيك بما ينزل الله عليك؟
فقال له :
جبرئيل.
قال : ذاك
عدوّنا ينزل بالقتال والشدّة وسائر النوازل والمصائب ، وأشدّها أنّه أنزل على
نبيّنا أنّ بيت المقدس سيخرّبه بخت نصّر ، فبعثنا من يقتله ، فرآه ببابل غلاما
مسكينا فدفع عنه جبرئيل ، وقال : إن كان ربّكم أمره بهلاككم فلا يسلّطكم عليه ،
وإلّا فبم تقتلونه؟ وميكائيل ينزل الخصب واليسر والرخاء والسلام ، فلو كان ميكائيل
هو الّذي يأتيك لآمنّا بك ، فنزلت : (قُلْ مَنْ كانَ
عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ).
قرأ حمزة
والكسائي على وزن سلسبيل. وقرأ ابن كثير : جبريل ، بكسر الراء وحذف الهمزة. وقرأ
عاصم : جبرئيل كجحمرش. وقرأ الباقون : جبريل كقنديل. ومنع صرفه للعجمة والتعريف.
ومعناه عبد الله.
(فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ) فإنّ جبريل نزّل القرآن. أضمر ما لم يسبق ذكره فخامة
لشأنه ، كأنّه لتعيّنه وفرط شهرته لم يحتج إلى سبق ذكره (عَلى قَلْبِكَ) فإنّه القابل الأوّل للوحي ، ومحلّ الفهم والحفظ. وكان
حقّه : على قلبي ، لكنّه جاء على حكاية كلام الله ، كأنّه قال : قل ما تكلّمت به (بِإِذْنِ اللهِ) بأمره وتيسيره ، حال من فاعل «نزّل» (مُصَدِّقاً) موافقا (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب (وَهُدىً وَبُشْرى) وهاديا ومبشّرا بالنعيم الدائم (لِلْمُؤْمِنِينَ) أحوال من مفعوله. وإنّما خصّ الهدى بالمؤمنين من