حيث كانوا هم المهتدين به ، العاملين بما فيه ، وإن كان هدى لغيرهم أيضا.
والظاهر أنّ
جواب الشرط (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ). والمعنى : فمن عادى منهم جبريل فقد خلع ربقة الإنصاف ،
أو كفر بما معه من الكتاب بمعاداته إيّاه ، فإنّه نزّل كتابا مصدّقا لما بين يديه
من الكتب ، فيكون مصدّقا لكتابهم ، فلو أنصفوا لأحبّوه وشكروا له صنيعه في إنزاله
ما يصحّح الكتاب المنزل عليهم ، فحذف الجواب وأقيم علّته مقامه ، أو : من عاداه فالسبب
في عداوته أنّه نزّل عليك.
وقيل : محذوف ،
مثل : فليمت غيظا ، أو فهو عدوّ لي وأنا عدوّه ، كما قال : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ
وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) أراد بعداوة الله مخالفته عنادا ، أو معاداة المقرّبين
من عباده ، وصدّر الكلام بذكره تعالى تفخيما لشأنهم ، كقوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)[١].
وأفرد الملكان
بالذكر لمزيّة فضلهما ، كأنّهما من جنس آخر ، وهو [٢] ممّا ذكر أنّ
التغاير في الوصف ينزّل منزلة التغاير في الذات. والتنبيه على أنّ معاداة الواحد
والكلّ سواء في الكفر واستجلاب العداوة من الله تعالى ، وأنّ من عادى أحدهم فكأنّه
عادى الجميع ، إذ الموجب لمحبّتهم وعداوتهم على الحقيقة واحد. ولأنّ المحاجّة كانت
فيهما.
ولم يقل : «فإنّه»
لئلّا يتوهّم أنّه يرجع إلى جبرئيل أو ميكائيل. ووضع الظاهر وهو «للكافرين» موضع
المضمر ـ أعني : لهم ـ للدلالة على أنّه تعالى عاداهم لكفرهم ، وأنّ عداوة
الملائكة والرّسل كفر.
وقرأ نافع :
ميكائل كميكاعل ، وأبو عمرو ويعقوب وعاصم : ميكال كميعاد.