ثمّ عاد سبحانه
إلى الاحتجاج على اليهود بما فضح به أحبارهم وعلماءهم ، ودعاهم إلى قضيّة عادلة
بينه وبينهم ، فقال : (قُلْ إِنْ كانَتْ
لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً) خاصّة بكم كما قلتم : لن يدخل الجنّة إلا من كان هودا ،
ونصبها على الحال من الدار (مِنْ دُونِ النَّاسِ) سائرهم أو المسلمين ، واللام للعهد على الاحتمال الثاني
(فَتَمَنَّوُا
الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) لأنّ من أيقن أنّه من أهل الجنّة اشتاقها ، وأحبّ
التخلّص إليها من الدار الّتي فيها أنواع المشاقّ والهموم والآلام والغموم ،
وتمنّى سرعة الوصول إلى نعمها اللذيذة العظيمة الدائمة ، كما روي أنّ عليّا عليهالسلام كان يطوف بين الصفّين بصفّين في غلالة [١] ، فقال له
ابنه الحسن عليهالسلام : ما هذا بزيّ المحاربين ، فقال : يا بنيّ لا يبالي
أبوك أعلى الموت سقط أم سقط الموت عليه.
وقال عمّار
بصفّين : الآن ألا في الأحبّة ، محمدا وحزبه. ويروي أنّ حبيب بن
[١] الغلالة : الثوب
الذي يلبس تحت الثياب أو تحت درع الحديد.