مظاهر ضحك يوم الطّف ، فقيل له في ذلك ، فقال : أيّ موضع أحقّ بالسرور من
هذا الموضع؟ والله ما هو إلّا أن يقبل علينا هذا القوم بسيوفهم فنعانق الحور
العين.
وقال حذيفة ـ رضى
الله عنه ـ حين احتضر : جاء حبيب على فاقة ، لا أفلح من ندم ، أي : على التمنّي ،
سيّما إذا علم أنّ الدار الآخرة سالمة لا يشاركه فيها غيره.
(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ
أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من موجبات النار ، كالكفر بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم والقرآن ، وتحريف التوراة. ولمّا كانت اليد العاملة
مختصّة بالإنسان آلة لقدرته ، بها عامّة صنائعه ، ومنها أكثر منافعه ، عبّر بها عن
النفس تارة والقدرة أخرى. وهذا من المعجزات ، لأنّه إخبار بالغيب ، وكان كما أخبر
، لأنّهم لو تمنّوا لنقل واشتهر ، فإنّ التمنّي ليس من عمل القلب ليخفي ، بل هو أن
يقول : ليت لي كذا ، ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولي المطاعن في
الإسلام أكثر من الذرّ ، وليس أحد منهم نقل ذلك.
وروي الكلبي عن
ابن عبّاس أنّه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لهم : إن كنتم صادقين في مقالتكم فقولوا : اللهمّ
أمتنا ، فو الّذي نفسي بيده لا يقولها رجل إلا غصّ [١] بريقه فمات
مكانه. وبرواية أخرى عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو تمنّوا الموت لغصّ كلّ إنسان بريقه فمات مكانه ، وما
بقي يهوديّ على وجه الأرض.
(وَاللهُ عَلِيمٌ
بِالظَّالِمِينَ) تهديد لهم ، وتنبيه على أنّهم ظالمون في دعوى ما ليس
لهم من دخول الجنّة ونفيه عمّن هو لهم.
ثمّ أخبر عن
حرصهم على الحياة بقوله : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ
أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) من «وجد» بعقله الجاري مجرى «علم» ، كقولهم : وجدت زيدا
ذا
[١] غصّ بالطعام
والماء : اعترض في حلقه شيء منه فمنعه التنفّس.