ثمّ رجع الكلام
إلى الحكاية عن اليهود وعن سوء مقالهم وفعالهم فقال : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) جمع أغلف ، أي : مغشّاة بأغطية خلقيّة لا يصل إليها ما
جاء به محمد ولا تفهمه ، مستعار من الأغلف الّذي لم يختن ، كقولهم : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ)[٢]. وقيل : أصله غلف جمع غلاف فخفّف ، أي : أنّها أوعية
العلم لا تسمع علما إلا وعته ولا تعي ما تقول ، أو نحن مستغنون بما فيها عن غيره.
ثمّ ردّ الله
عليهم لما قالوا بقوله : (بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ
بِكُفْرِهِمْ) أي : ليس ذلك كما زعموا أنّ قلوبهم خلقت كذلك ، لأنّها
خلقت على الفطرة ، لكن الله لعنهم وخذلهم بسبب صميم كفرهم ، وأبعدهم من رحمته ،
لتوغّلهم في عنادهم ولجاجهم (فَقَلِيلاً ما
يُؤْمِنُونَ) فإيمانا قليلا يؤمنون. و «ما» مزيدة للمبالغة في
التقليل ، وهو إيمانهم ببعض الكتاب ، وذلك قليل بالإضافة إلى ما جحدوه من حرمة
القتال والإجلاء والتصديق بنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وبما جاء به. وقيل : أراد بالقلّة العدم ، كما يقال :
قلّ ما رأيت هذا قطّ ، أي : ما رأيته قطّ. وهذا أصحّ ، لموافقته لمذهبنا في أنّه
لا إيمان لهم أصلا.
[١] في هامش الخطّية
: «من العداد ، وهو اهتياج وجع اللديغ. منه». أي : تراجعني ويعاودني ألم سمّها في
أوقات معلومة. والأبهر : الظهر. والأبهران : العرقان اللذان يخرجان من القلب. انظر
مستدرك الحاكم ٣ : ٥٨.