(وَإِنْ يَأْتُوكُمْ
أُسارى) من غير ملّتكم ، أي : وأنتم مع قتلكم من تقتلون من
فريقكم إذا وجدتم أسيرا من الأسارى في أيدي غيركم من أعدائكم. (تُفادُوهُمْ).
روي أنّ قريظة
كانوا حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج ، فإذا اقتتلا عاون كلّ فريق حلفاءه في
القتل وتخريب الديار وإجلاء أهلها ، وإذا أسر أحد الفريقين جمعوا له حتى يفدوه بعد
تقضّي الحرب ، تصديقا لما في التوراة ، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ،
لا يعرفون جنّة ولا نارا ، ولا قيامة ولا كتابا ، فوبّخ الله هؤلاء اليهود بما
فعلوا.
وقيل : معناه :
إن يأتوكم أسارى في أيدي الشياطين تتصدّوا لإنقاذهم بالإرشاد والوعظ مع تضييعكم
أنفسكم ، كقوله : (أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)[١].
وقرأ حمزة :
أسرى. وهو جمع أسير ، كجرحى وجريح ، وأسارى جمعه ، كسكرى وسكارى ، وقيل : هو أيضا
جمع أسير.
وقرأ ابن كثير
وأبو عمرو وحمزة وابن عامر : تفدوهم ، وغيرهم تفادوهم ، لأنّ الفعل بين الاثنين.
(وَهُوَ مُحَرَّمٌ
عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ) متعلّق بقوله : (وَتُخْرِجُونَ
فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ) وما بينهما اعتراض. والضمير للشأن ، أو مبهم تفسيره :
إخراجهم ، أو راجع إلى ما دلّ عليه «تخرجون» من المصدر. و «إخراجهم» بدل أو بيان.
والمعنى :
وإخراجكموهم من ديارهم حرام عليكم ، كما أنّ تركهم أسرى في أيدي عدوّهم حرام عليكم
، فكيف تستجيزون قتلهم ولا تستجيزون ترك فدائهم من عدوّهم ، وهما جميعا في الحكم
لازم عليكم؟! (أَفَتُؤْمِنُونَ
بِبَعْضِ الْكِتابِ) أي : بالفداء (وَتَكْفُرُونَ
بِبَعْضٍ) أي : بحرمة