دينا ، أو لأنّه يوجبه قصاصا ، فيكون بمنزلة من قتل نفسه.
وقيل : معناه :
لا ترتكبوا ما يبيح سفك دمائكم وإخراجكم من دياركم ، أو لا تفعلوا ما يرديكم
ويصرفكم عن الحياة الأبديّة ، فإنّه القتل في الحقيقة ، ولا تقترفوا ما تمنعون به
عن الجنّة الّتي هي داركم الأبديّة ، فإنّه الجلاء الحقيقي.
(ثُمَّ أَنْتُمْ
هؤُلاءِ) معنى «ثمّ» استبعاد لما ارتكبوه بعد أخذ الميثاق منهم
والإقرار به والشهادة عليه. وأصلها للتراخي في الزمان ، ثمّ استعمل في التراخي
الرتبي.
و «أنتم» مبتدأ
و «هؤلاء» خبره. ومعناه : أنتم أيّها المقرّون الشاهدون بعد ذلك هؤلاء الناقضون ،
يعني : أنّكم قوم آخرون غير أولئك المقرّين ، كقولك : رجعت بغير الوجه الّذي خرجت
به ، تنزيلا لتغيّر الصفة منزلة تغيّر الذات. وعدّهم باعتبار ما أسند إليهم من
القتل والإجلاء والعدوان حضورا ، وباعتبار ما سيحكي عنهم ـ وهو قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ
الدُّنْيا)[١] ـ غيّبا.
وقوله : (تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ
فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ) إمّا حال والعامل فيها معنى الإشارة ، أو بيان لقوله : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ). وقيل : «هؤلاء» تأكيد ، والخبر هو الجملة. وقيل : «هؤلاء»
بمعنى الّذين ، والجملة صلته ، والمجموع هو خبر «أنتم».
وقوله : (تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ
وَالْعُدْوانِ) حال من فاعل «تخرجون» أو مفعوله ، أو كليهما. والتظاهر
: التعاون من الظهر. وقرأ عاصم والكسائي وحمزة بحذف إحدى التاءين تخفيفا.