اسمه : (ثُمَّ قَسَتْ
قُلُوبُكُمْ) القساوة عبارة عن الغلظ مع الصلابة ، كما في الحجر. وقساوة
القلب مثل في إبائه عن الاعتبار ، و «ثم» لاستبعاد القسوة (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) يعني : إحياء القتيل أو جميع ما عدّد من الآيات ،
فإنّها ممّا توجب لين القلب ورقّته ، ونحوه (ثُمَّ أَنْتُمْ
تَمْتَرُونَ)[١].
(فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) في قسوتها (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) منها ، عطف على معنى الكاف. والمعنى : أنّها في القساوة
مثل الحجارة ، أو زائدة عليها ، أو عليه على حذف المضاف ، أي : أنّها مثلها أو مثل
أشدّ منها قسوة ، كالحديد ، فحذف المضاف وأضيف المضاف إليه مقامه.
وإيثار «أشدّ»
على «أقسى» مع أنّ القسوة ممّا يخرج منها أفعل التفضيل وفعل التعجّب ، لما في «أشدّ»
من المبالغة ، فهو أبين وأدلّ على فرط القسوة ، وللدلالة على اشتداد القسوتين ،
كأنّه قيل : اشتدّت قسوة الحجارة ، وقلوبهم أشدّ قسوة.
و «أو» للتخيير
أو للترديد الّذي يتضمّن التشكيك ، بمعنى : أنّ من عرف حالها شبّهها بالحجارة أو
بما هو أقسى منها. وترك ضمير المفضّل عليه لعدم الإلباس ، كقولك : زيد كريم وعمرو
أكرم.
ثمّ علّل
التفضيل بقوله : (وَإِنَّ مِنَ
الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) التفجّر التفتّح بسعة وكثرة. والمعنى : أنّ الحجارة
تتأثّر وتنفعل ، فإنّ منها ما يفتّح بخروق واسعة تندفق منه المياه الكثيرة ،
وتتفجّر منه الأنهار العظيمة كالفرات.
(وَإِنَّ مِنْها لَما
يَشَّقَّقُ) أصله : يتشقّق ، أدغم التاء في الشين ، أي : ينخرق طولا
أو عرضا (فَيَخْرُجُ مِنْهُ
الْماءُ) أي : العيون النابعة لا الأنهار الجارية ، فيكون هذا
غير الأوّل.