(وَإِنَّ مِنْها لَما
يَهْبِطُ) يتردّى من أعلى الجبل (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) الخشية مجاز عن الانقياد لأمر الله ، وأنّها لا تمتنع
على ما يريد الله منهم ، وقلوب هؤلاء لا تخشى ولا تلين ، مع أنّهم عارفون بصدق
محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلوبهم أقسى من الحجارة.
ثمّ وعدهم
بقوله : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ
عَمَّا تَعْمَلُونَ) أيّها المكذّبون. وهذا قراءة ابن كثير ونافع ويعقوب
وخلف وأبو بكر ضمّا إلى ما بعده ، والباقون بالياء [١]. فالمراد :
عمّا يعمل هؤلاء الكفرة أيّها المسلمون.
ثمّ خاطب
الرسول والمؤمنين فقال : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ
يُؤْمِنُوا لَكُمْ) أن يصدّقكم اليهود ، أو يؤمنوا لأجل دعوتكم من طريق
النظر والاعتبار ، والانقياد للحقّ بالاختيار ، كقوله : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ)[٢](وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ
مِنْهُمْ) طائفة من أسلافهم (يَسْمَعُونَ كَلامَ
اللهِ) يعني التوراة ، ويعلمون أنّه حقّ ويعاندونه (ثُمَّ
[١] كذا في النسخة
الخطية ، وفي نقل القراءة عن هؤلاء اختلاف ، راجع التبيان ١ : ٣٠٦ ، مجمع البيان ١
: ١٣٨ ، أنوار التنزيل ١ : ١٦٤.