واعلم أنّ «كاد»
من أفعال المقاربة ، وضع لدنوّ الخبر حصولا ، فإذا دخل عليه النفي قيل : معناه
الإثبات مطلقا ، وقيل : ماضيا ، والصحيح أنّه كسائر الأفعال. ولا ينافي قوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) قوله : (فَذَبَحُوها) لاختلاف وقتيهما ، إذ المعنى : أنّهم ما قاربوا أن
يفعلوا حتى انتهت سؤالاتهم ، وانقطعت تعلّلاتهم ، ففعلوا كالمضطرّ الملجأ إلى
الفعل.
ثمّ بيّن
سبحانه المقصود من الأمر بالذبح ، فبدأ بذكر القتل فقال : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) خطاب الجمع لوجود القتل فيهم (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) أي : اختصمتم في شأنها ، إذ المتخاصمان يدرأ ـ أي يدفع
ـ بعضهم بعضا ، أو تدافعتم ، بأن طرح كلّ قتلها عن نفسه إلى صاحبه ، من الدّرء بمعنى
المنع والدفع. وأصله تدارأتم ، فأدغمت التاء في الدّال ، واجتلبت لها همزة الوصل ،
لتعذّر الابتداء بالساكن.
(وَاللهُ مُخْرِجٌ) مظهر لا محالة (ما كُنْتُمْ
تَكْتُمُونَ) من أمر القتل ، ولا يتركه مكنونا مخفيّا. وأعمل «مخرج»
لأنّه حكاية مستقبل ، كما أعمل (باسِطٌ ذِراعَيْهِ)[١] لأنّه حكاية حال ماضية.
وهذه جملة
اعتراضيّة بين المعطوف والمعطوف عليه ، وهما : قوله : ادّارأتم ، وقوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ). والضمير إمّا للنفس ، والتذكير على تأويل الشخص ، أو
القتيل ، أي : اضربوا هذا الشخص أو هذا المقتول (بِبَعْضِها) أيّ بعض كان. وقيل :