إلى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق موسى. ثمّ إنهم بعد رؤية هذه المعجزة
الباهرة الظاهرة اتّخذوا العجل وقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ
حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً)[١] فهم بمعزل من الفطنة والذكاء وسلامة النفس وحسن الاتّباع
عن امّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّ ما تواتر من معجزاته امور نظريّة دقيقة تدركها
الأذكياء.
ولمّا عاد بنو
إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وعد الله موسى أن يعطيه التوراة ، وضرب له ميقاتا
ذا القعدة وعشر ذي الحجّة ، كما حكى الله سبحانه عن هذه الوعدة بقوله : «وإذ وعدنا
[٢] موسى أربعين ليلة» عبّر عن ذي القعدة وعشر ذي الحجّة بالليالي ، لأنّها
غرر الشهور ، فإنّ العرب يبنون حسابهم على سير القمر وهو يطلع في الليل.
وقرأ ابن كثير
ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي : «واعدنا» لأنّه تعالى وعده الوحي ، ووعده موسى
المجيء للميقات إلى الطور ، فخلّف موسى أصحابه واستخلف عليهم هارون ، فمكث على
الطور أربعين ليلة وأنزل عليه التوراة في الألواح.
(ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ
الْعِجْلَ) إلها أو معبودا (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد موسى ، أي : مضيّه إلى الطور (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) بإشراككم الّذي حصل باتّخاذكم العجل إلها.
(ثُمَّ عَفَوْنا
عَنْكُمْ) حين تبتم. والعفو محو الجريمة ، من : عفا إذ ادرس (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي : الاتّخاذ (لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ) لكي تشكروا عفوه.
وتفصيل هذه
القصّة سيجيء إن شاء الله تعالى في مواضعه.