[١] وجدت قريش ان امر
الاسلام اخذ يتعاظم ، وان الخطر اصبح يتزايد حول وثنيتها ، لا سيما بعد ان وجد
الاسلام ، والارض الصالحة والآمنة في يثرب. فاجتمع سراة قريش ورجالها في دار
الندوة ، وقرروا قتل الرسول صلىاللهعليهوآله
، وكانت خطتهم باقتراح من ابي جعل تقضي بأن تنتخب كل قبيلة من قبائل قريش ، رجلاً
منها يشترك في اغتيال الرسول صلىاللهعليهوآله
حتى يتوزع دمه بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم المطالبة بدمه.
قرر الرسول صلىاللهعليهوآله في ضوء تلك الهجرة
الى يثرب ، فلم تعد مكه مكاناً آمناً لرسالته ، فدعا وصيه وابن عمه علي بن ابي
طالب عليهالسلام وطلب منه ان ينام في
فراشه ليوهم قريشاً بأنه لا يزال في بيته فلا تسارع في تعقبه ، واستجاب الامام علي
بسرعة بقوله : «أو تسلم انت قال : بلى قال : اذن لا ابالي اوقعت على الموت او وقع
الموت عليَّ» وكان هذا اعظم مظاهر التضحية والايثار وبات ليلته في فراش الرسول
مطمئناً واثقاً ، فأنزل الله تعالى في حقه : (ومِنَ
الناسِ من يشتري نفسهُ ابتغاءَ مرضاتِ الله والله رؤوفُ بالعبادِ) البقرة / ٢٠٧.
خرج الرسول صلىاللهعليهوآله بصحبة ابي بكر ، سراً
باتجاه يثرب ، وعند الصباح ، نهض الامام علي من فراش النبي ، وادرك رجال قريش
بأنهم غُلبوا ، فسارعوا الى تعقب الرسول ، وخصصوا جائزة سخية لمن ينجح في اعادة
الرسول وصاحبه الى مكة.
مكث الرسول صلىاللهعليهوآله مع ابي بكر في غار
جبل ثور على مقربة من مكة ، لمدة ثلاثة ايام وكانت اسماء بنت ابي بكر ، تحمل لهما
الطعام ، وبعد انقضاء الايام الثلاثة سار الرسول الى يثرب ، سالكاً طريقاً غير
مألوف على ساحل البحر ، وكانت قريش تبحث عنه في الجبال والشعاب في محاولة للقبض
عليه ، لكن الله سبحانه شاء ان تخيب مساعي قريش وان يصل الرسول صلىاللهعليهوآله بعد عناء الهجرة الى
يثرب ، حيث كان المسلمون هناك بانتظار قدومه المشرق الذي اشرقت به يثرب ، فسميت
فيما بعد بالمدينة المنورة ، واستقبلته المدينة بالنشيد الخالد لبني النجار :
طلع
البدر علينا
من
ثنيات الوداع
وجب
الشكر علينا
ما
دعا لله داع
أيها
المبعوث فينا
جئت
بالامر المطاع
جئت
شرفت المدينة
مرحباً
يا خير داع
نام کتاب : ملحمة قوافل النّور نویسنده : حسين بركة الشامي جلد : 1 صفحه : 61