و أيضا قولهم: «القول بعالمين باطل [2]» ممنوع، و بطلانه قد مرّ [3].
المبحث الخامس: في النبوّات
هذا المبحث يتأتّى على القواعد الإسلامية على ما ذهبوا إليه؛ فإنّه تعالى قادر على كلّ مقدور، و عالم بكلّ معلوم و الأفلاك يجوز انخراقها، و هو-تعالى-في غاية الحكمة، و هو غنيّ فأمكن إثبات النبوّة على رأيهم.
و أمّا على قواعد الحكماء فإنّهم قالوا: إنّ التصوّرات النفسانية قد تكون مبادئ لحدوث الحوادث البدنية، فإنّ المتصوّر لجبروت الله تعالى يقشعرّ جلده، و المدرك بحسّه صورة مّا يحصل له من إدراكه ذلك، إثارة الشوق و انفعال بعض أعضائه و إذا كان كذلك جاز أن توجد نفس قويّة تكون تصوّراتها مبدأ لحدوث الحوادث في هذا العالم العنصري من غير توسّط سبب جسماني.
و الدليل على إثبات النبوّة هو إظهار المعجز، المقتضي لحصول العلم بصدقه و هو مستقصى في كتب الكلام.
و أمّا الحكماء فقد برهنوا من وجه آخر على إثبات النبوّة فقالوا: الإنسان لا يستقلّ وحده بأمر معاشه؛ لافتقاره إلى أمور يحتاج فيها إلى معاونة كاللباس و الغذاء و ما شاكلهما، بل لا بدّ من مشاركة من بني نوعه و اجتماع على التعاون، و هو لا ينتظم إلاّ بمعاملة و عدل؛ لاستيلاء الشهوة على كلّ واحد منهم في حصول ما يرومه و أن تأذّى به غيره فيقع الاختلاف الموجب لاختلال أمر النوع.
و ذلك العدل لا بدّ له من واضع يضعه لأمور كلّيّة؛ إذ الجزئيات غير محصورة و ذلك