و الذي يذكر ها هنا أنّ علّة الحادث إن كانت حادثة فلا تخلو إمّا أن تكون علّة بوجودها أو بعدمها.
فإن كانت بوجودها فيجب مقارنتها بالوجود، و يلزم منه عدم تناهي العلل الموجودة معا، و قد اعترف القوم باستحالته.
و إن كانت بعدمها وجب وجود المعلول قبل وجودها لحصول علّته و هو العدم.
[106]سرّ
قالوا: «الغنيّ» هو الذي لا يفتقر إلى الغير في أمور ثلاثة: في ذاته، و صفاته الحقيقية، و صفاته الملحوظة بالقياس إلى الغير، و الله تعالى مستغن عن غيره في هذه الأمور، فهو غنيّ. و قد ثبت أنّه جواد و يلزم من هذين الأمرين أن لا غاية لفعله تعالى؛ فإنّ الشيء الذي يصدر عنه الفعل لغاية لو لا وجود ذلك الفعل له، لا تحصل له تلك الغاية و إذا فعل ذلك الفعل، يكون قد فعل ما هو الأولى و الأحسن به مطلقا. و أيضا يكون قد فعل ما هو الأولى و الأحسن به مضافا فهو بغايته إذن مستفيد كمال لولاها كان ناقصا [3].
و هذا الكلام في غاية السقوط؛ فإنّ المقدّمة القائلة بأنّ الفاعل لغرض يكون مستفيدا للأولوية، إن عني بالاستفادة تأثير الغاية في ذات الواجب الوجود صفة حقيقية، فهو ممنوع. و إن عني به حصول أمر بعد ما لم يكن، فهو مسلّم.
على أنّ الأولوية إنّما تحصل في الذهن ليس لها في الخارج تحقّق، أليسوا هم استدلّوا بجود اللّه تعالى على قدم العالم، و قالوا: كيف يحسن من الجواد المطلق تعطيل