نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 351
و الشيخ نسب هذه الكلام إلى الشعر، و ذكر له احتمالا من التأويل، و هو أنّ العرق رطوبة من البدن تملّحت بما يخالطها من المادّة المنحرقة من البدن، و ماء البحر يملح بقريب من ذلك، و غاية ملوحته عدم أجونه لئلاّ يحدث بسبب الأجون الوباء العامّ.
و لملوحته و كثرة أرضيّته هو أكثر ثقلا من غيره من المياه.
و لمّا كانت جميع أجزاء الماء قابلة للاختلاط لم يكن ثمّة طبقات للماء [1].
و اختصاص البحر بموضع دون غيره ليس بواجب، بل قد ينتقل من موضع إلى آخر في مدد متطاولة؛ فإنّ استمداد البحار، من الأنهار و العيون و السماء، و النفع الكلّي إنّما هو من الأنهار؛ فإنّ العيون قد تغور و السماء إنّما تكون في فصول معيّنة، و كثيرا مّا تقحط.
ثمّ لا العيون و لا السماء و لا الأنهار تتشابه أحوالها في بقاع بأعيانها، فربّما جفّت أودية و أنهار، و تحصل عيون و أنهار من جهة أخرى و يلزم نضوب البحار لنضوب الأنهار.
و اعلم أنّ البحر ساكن لطبيعته، و إنّما يتحرّك ظاهره بسبب رياح تنبعث من قعره أو رياح تعصف في وجهه، أو لمضيق يكون فيه ينضغط فيه الماء من الجوانب لثقله، فيسيل مع أدنى تحرّك، و قد يكون لاندفاع أودية فيه.
و كيفية الماء، الفعليّة هي البرودة. و هذا ظاهر.
و كيفيّته الانفعالية هي الرطوبة بالتفسيرين.
و قد ذهب قوم إلى أنّ برودته أشدّ من برودة الأرض بناء على الإحساس [2].
و هو ضعيف؛ فإنّ الحسّ قد يدرك ما ليس ببالغ في كيفية مّا [3]بالغا فيها.
و أمّا في المشهور فإنّ الأرض أبرد؛ لأنّها أكثف. و لأنّها أبعد من التأثيرات الفلكيّة كالحركة. و هذا الأخير ضعيف [4].
[3]
نحو 492 قبل الميلاد في أغريغتنا-من أهمّ مدن العالم الأغريقي-و قيل: إنّه من تلامذة فيثاغورس-انظر «معجم الفلاسفة» :88 و «الموسوعة الفلسفية»1:226.
[1] . «الشفاء» الطبيعيّات 2:207، الأفعال و الانفعالات.
[2] . «الإشارات و التنبيهات مع الشرح»2:252؛ «المباحث المشرقيّة»2:139؛ «إيضاح المقاصد» :343. و قد نسب هذا القول إلى قوم منهم: أبو البركات البغدادي صاحب كتاب «المعتبر في الحكمة» .