التمايز بينهما بمحالّهما؛ فإنّها عندكم من الأعراض القائمة بالأجسام أو بأمر آخر ممّا يعرض لها.

و أمّا ثانيا ففي عدم الكفاية بجسم واحد؛ فإنّا نقول: إنّه يتحدّد به غاية القرب، و أمّا غاية البعد عنه فإنّه يحصل بانقطاع الامتدادات.

و أمّا ثالثا ففي المنع من التحديد بجسمين؛ فإنّا نقول: لم لا يتحدّد بجسمين و يكون كلّ واحد منهما يتحدّد به غاية القرب؛ و أمّا غاية البعد فإنّها تحصل بالآخر؟ فمن أوجب أن يكون التحديد إنّما يقع لشيء واحد؟

و أمّا قوله: «إنّ حصولهما في الجهات إن كان واجبا، فلهما جهات متحدّدة لهما. . .» إلى آخره، ففيه مغالطة؛ و ذلك لأنّهما إذا فرضناهما محدّدين، لم يكن لهما جهات كما تقولون أنتم في الجسم الواحد.

و أمّا رابعا، فلم لا يحصل التحديد بالمفارق؟ ، و الذي ذكرتموه إنّما يتمّ على تقدير كون المفارق لا يفعل بواسطة القصد و الاختيار.

ثمّ نقول: المركز غير حاصل بالفعل، و ما لا يحصل بالفعل لا يتحدّد به ما هو بالفعل.

[17]سرّ

المحدّد أوّل ما يتحدّد له عن ذاته و حركته قطباه و منطقته، فإذا كان محتويا على غيره، اشتمل على جهة إليه و جهة أخرى مقابلة له و إذا نوسب بين أجزائه الفرضية و بين ما يماثلها ممّا يشتمل عليه فقد تتحدّد له جهات أخرى كما إذا فرض في طول حركته ثلاث نقط متوالية تنحو الوسطى نحو الأخيرة و تتباعد عن الأولى، حصل هناك جهة مشرق و جهة مغرب و أيضا جهة تلي خطّ الزوال و أخرى مقابلة لها تحت الأرض، فالجهة التي تلي خطّ الزوال هي التي تتّجه إليها الحركة الصاعدة و هي غايتها، فخطّ الزوال هو القدّام تشبيها بالحيوان الذي يكون وجهه المتّجه بحركته هو القدّام و المقابل لها خلف. و جهة المشرق التي عنها مبدأ الحركة هي اليمين تشبيها بالحيوان الذي يمينه هو