نام کتاب : الأسرار الخفیة في العلوم العقلیة نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 267
و قد يتوهّم الآن على معنى آخر؛ فإنّا قد نتوهّم منتقلا في المسافة و الزمان، فالمنتقل بفعل بنقلته [1]سيّالا هو الحركة بمعنى القطع، و تلزمها الحركة بمعنى التوسّط، و كأن الحركة بهذا المعنى هي الفاعلة الأولى، و هي غير منقسمة، و لذلك توجد في المسافة ما يتحرّك عند المتحرّك، بمعنى التوسّط، و في الزمان أنّ ما يتحرّك منه المتحرّك، الحركة بمعنى التوسّط أيضا. و كأنّ هذا الآن يفعل بسيلانه الزمان، كما أنّ الحركة بمعنى التوسّط لا يوجد معه خطّ المسافة؛ فإنّه قد قطعه و لا الزمان فقد سبق، و إنّما يوجد له من كلّ واحد طرفه، فيوجد له من الزمان الآن و من خطّ المسافة الحدّ الذي هو فيه إمّا نقطة أو خطّ [2].
و هذا الكلام في غاية السقوط؛ فإنّه كيف يصحّ ثبات الآن و استمراره حتّى بفعل الزمان؟
قالوا: و لا يمكن وجود آنات متعاقبة، و إلاّ لزم وجود أجزاء لا تتجزّأ، و كذلك لا يمكن أن تكون للآن أجزاء، و إلاّ لكان بعضها مترتّبا على بعض، فيكون بينهما زمان.
و أشكل ها هنا، فقيل: عدم الآن إمّا أن يقع دفعة؛ فتتالى [3]الآنات، و إمّا أن يقع على التدريج؛ فيلزم انقسام الآن [4].
قال الشيخ: هذه القسمة غير حاصرة؛ فإنّ ها هنا قسما آخر و هو أن يكون عدمه في جميع الزمان الذي بعده، فلو قيل: ليس الكلام في استمرار عدمه، بل في ابتدائه قبل ابتداء عدمه، و هو وجوده، و لا استبعاد في أن يكون الشيء في زمان و في طرفه بخلافه كالمتحرّك و الساكن؛ فإنّه حاصل في جميع الزمان، و ليس بحاصل في طرفه [5].
و تحقيق هذا الموضع أن نقول: المتقابلان إن كانا في قوّة المتناقضين، استحال خلوّ الزمان و طرفه عنهما معا، فإذا كان في الزمان أحدهما، جاز أن يكون في الآن، الآخر