responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 626

يكون أصحاب الدعوى وطرفي الخصومة في كثير من الموارد جاهلين بالحكم الذي سيجري في شأنهم وقضيّتهم عند مراجعتهم للمحاكم، لأنّه لا يعلم ما هو مقتضى العدل والإنصاف الذي سيقرّره قاضي هذه القضية، وبديهيّ أنّ هذا الأمر لا ينسجم مع ضرورة اطّلاع الناس على القانون، و كذلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان التي تعتبر قاعدة عقلية أو عقلائية.

3. الإشكال المهمّ الآخر الوارد على المذهب الواقعي للحقوق، أنّه لا يأخذ بعين الاعتبار في جميع تحقيقاته، جميع المسائل الحقوقية المبحوثة في المحاكم كيما تكون آراء القضاة منبعاً أصلياً للحقوق، بل يتمّ الرجوع للدعاوى‌ الخاصّة التي تقع بين الأفراد وتقدّم للمحكمة، في حين أنّ الكثير من المسائل الحقوقية تجري بين أفراد المجتمع في دائرة الأمور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأمثال ذلك بدون أن تقع خصومة أو دعوى في موردها، يقول الحقوقيّ الفرنسي (كاربونيه): «إنّ واقع الحقوق لا يتّسق دائماً مع المسلك القضائي، بل حتّى أنّه يتعرّض للتحريف من هذه الجهة، لأنّ المسلك القضائي عبارة عن ترافع، والترافع يختصّ ب (حقوق معرفة الخسائر) لا الحقوق العادية» [1].

4. ما أدخله بعض أتباع هذا المذهب- من أجل جبران النقص الموجود فيه، من إضافة أعمال المدّعي العام وأفراد الشرطة- إلى منابع الحقوق، فإنّه يثير عليهم إشكالًا أهمّ، لأنّه إذا كان هناك محلّ لصلاحية القضاة في أمر الحقوق، وقلنا أنّها من لوازم تفسير القانون بواسطتهم؛ فإنّه لا يمكن القول بذلك بالنسبة إلى رجال الشرطة الذين يتولّون مهمّة إجراء القانون فقط لاتفسيره. وإذا أمكن لوظيفة إجراء القانون أن تكون لها صلاحية التقنين، فهل يمكن القول أنّ هذا الكلام يشمل جميع أفراد المجتمع الذين يتولّون بشكلٍ أو بآخر إجراء القانون في واقع المجتمع؟ وهل يجب في هذه الصورة اعتبار سلوك جميع أفراد المجتمع كمنبع أصليّ للحقوق؟! [2]

النتيجة:

إنّ ما تقدّم بيانه عبارة عن موجز لسعي البشرية لتعيين المباني الواقعية للحقوق وتأسيس نظام اجتماعي يكون قادراً على توفير مصلحة الناس وسعادتهم دون الاعتماد على تعاليم الوحي والدّين ولمدّة قرون متمادية، ولازالت هذه المساعي مستمرّة من أجل تعيين مباني الحقوق الواقعية، وتأسيس نظام اجتماعيّ لتأمين المصلحة والسعادة في واقع الحياة.

إنّ التأمّل في هذه المذاهب المختلفة والمتباينة بالشكل المذكور آنفاً، يشير إلى أنّ هذا الطريق زاخر بالتجربة والخطأ، وكلّما تقدّم الزمان فإنّ التناقضات في هذه الدائرة تشتدّ وتتجلّى أكثر.

أنّ الطريق الوحيد الذي نعتقد بأنّه يوصلنا إلى العلم الصحيح والموثوق، هو ما يقودنا إلى خالق الإنسان والعالم، ومعرفة سعادة الإنسان وكيفية وصوله إلى هذه المرتبة لابدّ أن تؤخذ من تعاليم الوحي الذي نزل على النبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله وتمّ تبيينها بواسطة خلفائه المعصومين عليهم السلام للناس وهذا هو العلم الصحيح الذي‌


[1]. الحقوق القابلة للانعطاف، تأليف كاربوينه، ص 18، نقلًا عن فلسفة الحقوق، ج 1، ص 416 (بالفارسيّة).

[2]. فلسفة الحقوق، ج 1، ص 417 (بالفارسيّة).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 626
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست