responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 481

الناس من العوامّ قادرون بمقدار قابليتهم على‌ الاستدلال بشكله البسيط والساذج.

وفي نظرنا أنّ أفضل وأهمّ دليل على بطلان التقليد في أصول الدين هو أنّ التقليد للآخرين يحتاج بدوره إلى دليل، وهذا الدليل ينحصر بفروع الدين، لأنّ سيرة العقلاء من جهة تقوم على الرجوع في كلّ علم إلى المختصّين وأهل الخبرة في ذلك العلم، والفروع الفقهية غير مستثناة من هذه القاعدة، ومن جهة أخرى فإنّ الكثير من الناس غير قادرين على استنباط أحكام فروع الدين من الأدلّة الأربعة، فإذا لم يتّبعوا علماء الدين في ذلك، فإنّ التوصّل إلى الأحكام الشرعية سيوصد أمامهم بشكل تام.

ولكنّ أصول الدين ليست كذلك، لأنّها من الأمور الفطرية المحدودة بدائرة خاصّة وكلّ إنسان يتمكّن بعقله من التحرّك على مستوى التفكير وإيجاد الدليل عليها وإثباتها بالبرهان، كما ورد في قصص‌العرب من‌الاستدلال الساذج والبديهي في إثبات وجود اللَّه‌ [1]، وبالنسبة للنبوّة فيمكن الاستدلال بالمعجزات المتواترة والقرآن، وهكذا دليل المعاد في ما يقتضيه العدل الإلهي، ومع الحصول على الدليل القطعي فلا تصل النوبة إلى التقليد.

القائلون بجواز التقليد في أصول الدين وأدلتهم:

ذهب الفخر الرازي إلى أنّ الكثير من الفقهاء يعتقدون بجواز التقليد في أصول الدين أيضاً [2]. ويقول الآمدي أيضاً: إنّ «الحشويّة» و «التعليميّة» [3] اختلفوا «في جواز التقليد في المسائل الأصولية المتعلّقة بوجود اللَّه تعالى، وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه، وما يجب وما يستحيل عليه، فذهب الحشوية والتعليمية إلى جوازه، وربّما قال بعضهم أنّه واجب على المكلّف وأنّ النظر في ذلك والاجتهاد فيها حرام» [4].

وأمّا أدلّة هؤلاء القائلين بالجواز فأهمّها:

1. ينقل الغزالي عن العلماء الذين يعتقدون بجواز التقليد في الأصول أنّهم يستدلّون بهذه الآية الشريفة:

«مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا» [5].

وكذلك ورد النهي عن الجدال في موضوع «القَدَر».

ويقول الغزالي في جواب ذلك: «قلنا: نهى عن الجدل الباطل كما قال: «وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ» بدليل قوله تعالى: «وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» [6] وأمّا القدر [7] فنهاهم عن الجدال فيه، إمّا لأنّه كان قد وقفهم على الحقّ بالنصّ، فمنعهم عن المُماراة في النص، أو كان في بدء الإسلام، فاحترز عن أن يسمعه المخالف فيقول: هؤلاء بعد لم تستقر قدمهم في الدين، أو لأنّهم كانوا مدفوعين إلى الاجتهاد الذي هو أهم عندهم».


[1]. عندما سئل عن معرفة اللَّه ووجوده قال: «البعرة تدلّ على البعير؛ وأثرالأقدام على المسير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، لا تدلّان على اللطيف الخبير» (بحار الأنوار، ج 66، ص 134؛ زاد المسير لإبن الجوزي، ج 1، ص 310).

[2]. المحصول في علم الأصول، ج 2، ص 467.

[3]. كانت «التعليميّة» طائفة من «الإسماعيليّة» حيث رفضوا الدليل العقلي، وكانوا يعتقدون بتعليم الإمام المعصوم في المسائل الدينية فقط (الانساب للسمعاني، ج 1، ص 468).

[4]. الإحكام في أصول الأحكام، ج 4، ص 446. نسب الشوكاني ذلك إلى الظاهريين وكانوا يعتقدون بجواز التقليد في أصول الدين (إرشاد الفحول، ج 2، ص 331).

[5]. سورة غافر، الآية 4.

[6]. سورة النحل، الآية 125.

[7]. ورد في الرواية عندما لاحظ النبيّ صلى الله عليه و آله جماعة من الصحابة يتحدّثون‌في مسألة «القَدَر»، فقال «إنّما هلك من كان قبلكم لخوضهم في هذا». (الإحكام في أصول الأحكام، ج 4، ص 447 و 448).

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 481
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست