responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 254

القدماء، وكان في الغالب على شكل بيان المصاديق والموضوعات المتعلّقة بهذا البحث؛ ولكن ما يستفاد من خلال التحقيق في أقوال ومباني هؤلاء الفقهاء هو أنّهم كانوا متّفقين بشكل إجماليّ على فهمهم والتفاتهم لتأثير الزمان والمكان في الأحكام، حيث نرى أنّ بعض الأكابر كالعلّامة الحلّي‌ [1] والمحقّق الثاني‌ [2] في مسائل فقهية من قبيل بيع الأعيان النجسة، ضمن الفتوى بحرمة بيع الدم، فإنّهم يستدلّون على أنّ الملاك في جواز وعدم جواز بيع الدم والأعيان النجسة بشكل عام هو انتفاع الناس منها وأنّ ذلك يتغيّر بلحاظ الأزمنة والأمكنة المختلفة.

يقول الشهيد الأوّل في‌ «القواعد» ضمن التصريح بتغيّرات وتأثيرات الزمان والمكان:

«يجوز تغيير الأحكام بتغيّر العادات، كما في النقود المتعاورة والأوزان المتداولة ونفقات الزّوجات والأقارب فإنّها تتبع عادة ذلك الزّمان الّذي وقعت فيه» [3]

. وليس خفيّاً أنّه في نظر الشهيد الأوّل وفقهاء الإمامية بشكل عام، فإنّ تغيير العادات والرسوم والتقاليد، يوجب تغيير الموضوعات، وتبعاً لتغيير الموضوعات تتغيّر الأحكام أيضاً، كما أنّ المرحوم كاشف الغطاء اعترف بهذه الحقيقة وقال:

«لا ينكر تغيّر الأحكام بتغيّر الأزمان»

ويقول أيضاً:

«قد عرفت أن من أُصول مذهب الإمامية، عدم تغيير الأحكام إلّا بتغيير الموضوعات، إمّا بالزّمان والمكان أو الأشخاص، فلا يتغيّر الحكم ودين اللَّه واحد في الجميع، لا تجد لسنّة اللَّه تبديلًا» [4].

ويقول المحقّق الأردبيلي بصراحة أشدّ وهو من الفقهاء السابقين في هذا المجال:

«ولا يمكن القول بكلّيّة شي‌ء، بل تختلف الأحكام باعتبار الخصوصيّات والأحوال والأزمان والأمكنة والأشخاص، وهو ظاهر، وباستخراج هذه الاختلافات والانطباق على الجزئيّات المأخوذة من الشرع الشريف إمتاز أهل العلم والفقهاء» [5].

إنّ أهمّية الالتفات لمقولة الزمان والمكان تتبيّن بشكل جليّ إذا علمنا بأنّ فقيهاً معروفاً هو صاحب كتاب‌ «جواهر الكلام» ينتقد بشكل قاطع في بحث المكيل والموزون، هذا التوهّم في أنّ العرف الخاصّ في عصر معيّن (مثل عصر النبيّ صلى الله عليه و آله) قد لوحظ في النصّ الشرعيّ ويقول:

«ودعوى الإجماع هنا على كون المدار على زمان النبيّ صلى الله عليه و آله على الوجه الّذي عرفته، غريبة، فإنّي لم أجد ذلك في كلام أحد من الأساطين فضلًا عن أن يكون إجماعاً» [6].

أي أنّ ادّعاء الإجماع على أنّ الملاك في المكيل والموزون هو ما كان في زمان النبيّ صلى الله عليه و آله دعوى عجيبة وغريبة كما ذكر هذا المحقّق.

وأساساً فإنّ هذا الفقيه الكبير يرى في موارد كثيرة أنّ الظروف الزمانية والمكانية فيما يتّصل بالأحكام واختلافها ناشى‌ء من الاختلاف في العادات والتقاليد بين المجتمعات والثقافات البشرية، ولذلك فإنّ ملاحظة الزمان والمكان في البحث الفقهيّ غير قابلة للاجتناب، وعلى سبيل المثال، يقول في مسألة «الحداد» وهو عبارة عن ترك الزينة ولبس ثياب الحزن وهو محلّ‌


[1]. المختصر النافع، كتاب التجارة، ص 16.

[2]. جامع المقاصد، ج 4، ص 12.

[3]. القواعد والفوائد، ج 1، ص 151.

[4]. تحرير المجلّة، ج 1، ص 34.

[5]. مجمع الفائدة والبرهان، ج 3، ص 436.

[6]. جواهرالكلام، ج 22، ص 427.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست