responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 214

5. إنّ هذا العنصر المتحرّك والمتغيّر الذي يمنع عن تقويض القوانين من القسم الأول من العلاقة، والضامن لإجراء العدالة، يسمى (منطقة الفراغ) التي تندرج ضمن دائرة ولاية وليّ أمر المسلمين، إنّ منطقة الفراغ تعني المنطقة الخالية من القوانين الإلزامية، ولذلك فإنّ وليّ الأمر والحاكم الإسلاميّ يكون مخيّراً ومبسوط اليد وبإمكانه أن يجعل أحكاماً في تلك المنطقة على أساس مقتضيات الزمان بما يتناسب مع الأهداف الكلية للإسلام (العدالة الاجتماعية).

وببيان آخر: إنّ منطقة الفراغ تشمل الأفعال التي يكون حكمها الشرعيّ الأوليّ الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة، فمثل هذه الموارد التي يكون فيها الفقيه أو الحاكم الإسلامي واجب الإطاعة على أساس قوله تعالى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ» [1] يمكنه وعلى أساس المصالح والأهداف الكلّية للإسلام أن يحكم بوجوب شي‌ء أو حرمته، فيما إذا كان حكمه الأوّلي الإباحة (الإباحة بالمعنى الأعمّ والتي تشمل الاستحباب والكراهة أيضاً).

6. إنّ الأفعال من قبيل «أخذ الربا» والتي تكون حرمتها ثابتة، أو من قبيل «إنفاق الزوج على الزوجة» و وجوبه ثابت، فلا يمكن للحاكم الإسلاميّ في الحكم الأوّل «أخذ الربا» أن يأمر به، ولا يمكنه منع الثاني (إنفاق الزوج) لأنّ إطاعة وليّ الأمر إنّما تجب في حدود ما إذا لم تكن معارضة لإطاعة اللَّه وأحكامه الكليّة.

7. النقطة الأخيرة هي أنّه يتبيّن ممّا تقدّم أنّ «منطقة الفراغ» لا تعني وجود خلل في الشريعة أو إهمال من قِبل الشارع بالنسبة لبعض الوقائع والحوادث، بل بالعكس، فهي دليل على شمول واستيعاب الشريعة وقدرتها على الانسجام والتناغم مع الأعصار المختلفة، لأنّه كما تقدّمت الاشارة إليه، فالمقصود من منطقة الفراغ هو أنّ الشريعة في ذات كونها، قرّرت لكلّ حادثة حكماً أصيلًا وأوّلياً، فإنّها منحت الحاكم الإسلاميّ أيضاً الحقّ في أن يصدر حكماً ثانوياً بحسب الظروف والشروط وبما يتطابق مع مصالح الإسلام والمسلمين، كأن يقول إنّ إحياء أرض وإن كان بطبيعته الأوليّة مباحاً، ولكن وليّ أمر المسلمين يحقّ له وعلى أساس مقتضيات الظروف، أن يمنع من ذلك‌ [2].

المناقشة:

مع غضّ النظر عن الإشكال الوارد على هذا الكلام بالنسبة لثبات العلاقة بين الإنسان، وأخيه الإنسان وكون هذه العلاقة متغيّرة في ما يخصّ الإنسان مع الطبيعة (لأنّ جميع العلاقات بين أفراد البشر غير ثابتة، كما أنّ جميع العلاقات بين الإنسان والطبيعة غير متغيّرة دائماً) فهناك نقاط أخرى في هذه النظرية تحتاج إلى مناقشة وتأمّل، منها:

1. هل تعني هذه الاطروحة أنّه لا توجد أحكام غير إلزاميّة في دائرة العلاقات بين أفراد البشر؟ أليس لدينا في هذه الدائرة أحكام مستحبّة أو مكروهة؟ ألا يمكن لمقولة «منطقة الفراغ+/ ولاية وليّ الأمر» التي تمثّل عنصراً متحرّكاً في طبيعة التشريع، التدخّل في هذه الدائرة؟

2. هل أنّ العنصر المتحرّك المذكور يختصّ بدائرة


[1]. سورة النساء، الآية 59.

[2]. انظر: اقتصادنا، ص 685- 689.

نام کتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست