يقال: إنّ الاستعمالات مختلفة فتارةً يكون مثل «جاءني رجلٌ» فيكون مفهوم
النكرة حينئذٍ هو الفرد المعيّن في الواقع المجهول في الظاهر، واخرى يكون مثل
«جئني برجل» فيكون مفهومها الطبيعة المقيّدة بالوحدة لا تعيّن لها لا في الواقع
ولا في الظاهر لأنّها حينئذٍ صادقة على كثيرين [1].
ولكن الظاهر أنّ الموضوع له فيه كلّي في جميع الموارد لكن مع قيد الوحدة، ففي
مثل «جاء رجل من أقصى المدينة» أيضاً يكون الموضوع له كلّياً لكنّه ينطبق على فرد
خاصّ وتستفاد الجزئيّة من تطبيق الكلّي على الفرد كما في «زيد إنسان» ويكون من باب
تعدّد الدالّ والمدلول، أي استفيدت الوحدة والجزئيّة من التنوين، واستفيدت الطبيعة
من اسم الجنس الداخل عليه التنوين لا أن تكون الجزئيّة جزءً للموضوع له وإلّا
يستلزم تغيير الموضوع له في الاستعمالات المختلفة والجمل المستعمل فيها النكرة وهو
بعيد جدّاً.
وليس مفادها الفرد المردّد؛ لأنّ المتكلّم إنّما يقصده فيما إذا كانت الأفراد
قابلة للإحصاء وإلّا فلا يمكن أن يكون مقصوداً بل لابدّ حينئذٍ من تصوّر كلّي جامع
يكون عنواناً ومرآةً للأفراد إجمالًا، وهذا الكلّي لا يمكن أن يكون الفرد المردّد
لأنّه بمنزلة «هذا أو هذا» فيحتاج فيه إلى تصوّر جميع الأفراد تفصيلًا لمكان كلمة
«أو» وهو لا يمكن في مثل «جئني برجل» الذي لا يحصى عدد الأفراد فيه.
فتلخّص أنّ الموضوع له في النكرة مطلقاً هو الكلّي المقيّد بقيد الوحدة،
والظاهر دلالتها على الشياع والسريان إذا اجتمعت فيها مقدّمات الحكمة.
3. استعمال المطلق في المقيّد حقيقة أو مجاز؟
الحقّ في المسألة التفصيل بين أنحاء الاستعمالات:
فمنها: ما إذا كان استعمال المطلق في المقيّد بنحو
تعدّد الدالّ والمدلول بأن يراد