الصورة الاولى: أن لا يكون له أيّ تقيّد
بالزمان ولا يكون للزمان أيّ دخل في تحقّق مصلحته وإن كان تحقّقه في الخارج
محتاجاً إلى الزمان، نظير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونظير أداء الدين، فإنّ
مقوّم المصلحة فيهما إنّما هو نفس طبيعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونفس
طبيعة أداء الدين بحيث لو أمكن انفكاكهما عن الزمان لما وقع خلل في تحقّق المقصود
ووقوع المصلحة فيكون واجباً مطلقاً من هذه الجهة.
الصورة الثانية: أن يكون للزمان دخل في
المصلحة ولكنّه أوسع من مقدار الواجب فيسمّى موقّتاً موسّعاً كما في الصلوات
اليوميّة.
الصورة الثالثة: أن يكون للزمان دخل أيضاً
في تحقّق المصلحة ولكنّه يكون بقدر الواجب فيسمّى موقّتاً مضيّقاً كما في صيام شهر
رمضان والوقوف في العرفات.
وقد استشكل بعضهم في تصوير كلّ واحد من المضيّق والموسّع:
فبالنسبة إلى الواجب المضيّق، فقد يقال: إنّه لا إشكال في أنّ زمان الانبعاث
متأخّر عن زمان البعث ولو آناًما، فلو فرضنا أنّه بمجرّد طلوع الفجر مثلًا وقع
الإيجاب في لحظة بعد الطلوع، وأنّ إرادة المكلّف وعزمه على الفعل أيضاً يحتاج إلى
لحظة من الزمان فلا أقلّ من أن يتأخّر الانبعاث عن البعث بمقدار لحظتين من الزمان،
ولازمه خروج كلّ واجب مضيّق عن كونه مضيّقاً ودخوله في الواجب الموسّع، وأن يكون
كلّ واجب موقّت موسّعاً [1].
ولكنّه إشكال واهٍ، فإنّ المفروض أنّ القضايا
الشرعيّة كقضايا شرطية حقيقة صدرت من جانب الشارع قبل مجيء زمان الواجب، والمكلّف
يطّلع عليها قبل دخول الوقت، فهو يعلم مثلًا أنّ وجوب الصيام يصير فعلياً بالنسبة
إليه بمجرّد طلوع الفجر، وأنّ عليه أن يمسك عن الأكل والشرب من أوّل طلوع الفجر،
فهو يريد