«ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن،
أنّ الآية ينزل أوّلها في شيء، وأوسطها في شيء، وآخرها في شيء»
[2].
والجواب
عنها هو الجواب عن الطائفة الاولى من أنّها ناظرة إلى الآراء الظنّية أو ناظرة إلى
ترك أهل بيت النّبي صلى الله عليه و آله، كما يشهد له ما رواه إسماعيل بن جابر، عن
الصادق عليه السلام أنّه قال:
«وإنّما هلك الناس في المتشابه لأنّهم لم يقفوا
على معناه ولم يعرفوا حقيقته، فوضعوا له تأويلًا من عند أنفسهم بآرائهم، واستغنوا
بذلك عن مسألة الأوصياء، ونبذوا قول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وراء ظهورهم»
[3].
الطائفة
الثالثة: الأخبار الدالّة على انحصار الحجّة الشرعيّة بالنقل،
مثل ما روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال:
«مَن أخذ دينه مِن أفواه الرجال أزالته الرجال،
ومَن أخذ دينه مِن الكتاب والسنّة زالت الجبال ولم يزل» [4]
. وما روي عن
حريز: «أنّ أبا حنيفة قال له: أنت لا تقول شيئاً إلّابرواية قال: أجل»
[5]، فهو يدلّ على أنّ مثل حريز الذي كان من كبار أصحاب الصادق عليه
السلام وخواصّهم لا يقول شيئاً إلّابرواية ولا حجّة عنده إلّاالرواية.
والجواب
عنها أيضاً، هو الجواب عن الطائفتين السابقتين، فلابدّ من ملاحظة خصوصيّات تلك
الأعصار حتّى يثبت لنا أنّ مراد أبي حنيفة في قوله «أنت لا تقول شيئاً إلّابرواية»
عدم اعتناء حريز بالقياس والاستحسان، حيث إنّه لا ريب في أنّ
[1]. وسائل الشيعة، ج 18، كتاب القضاء، أبواب
صفات القاضي، الباب 13، ح 69