بقى هنا
شيء، و هو أنّ الأرواث و الأبوال الطاهرة لا مانع من بيعها إذا كانت لها منفعة
محلّلة معتدّ بها، و هي في الأرواث ظاهرة، أمّا في الأبوال خفية، و الاستشفاء ببعض
الأبوال في بعض الأزمنة كما يظهر من عدّة روايات غير كاف بالنسبة إلى زماننا هذا
الذي لا يعدّ ذلك من منافعها.
الثّاني:
الدم
المشهور حرمة
بيع الدم النجس، بل ادّعى الإجماع عليها، و القول بحرمتها مشهورة بين العامّة
أيضا. بالعمومات السابقة الدالّة على حرمة بيع مطلق النجس التي قد عرفت الكلام
فيها.
و غاية ما
يمكن أن يستدلّ عليه بعد الآية الشريفة بعض الروايات الخاصّة الواردة من طرقنا و
طرق العامّة:
أمّا الأوّل:
فهو قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ
وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ[1] و لكن من
الواضح أنّ النهي إنّما هو عن أكلها لا غير، و أمّا البيع و شبهه فهو خارج عن مفاد
الآية.
أمّا الثاني:
فهو ما رواه أبو يحيى الواسطي رفعه قال: مرّ أمير المؤمنين عليه السّلام
بالقصّابين، فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة، نهاهم عن بيع الدم و الغدد و آذان
الفؤاد و الطحال و النخاع و الخصي و القضيب (الحديث) [2].
و سند الحديث
ضعيف بالرفع، و بجهالة أبي يحيى، و الظاهر أنّه «سهيل بن زياد» كان ممّن لقي أبا
محمّد العسكري عليه السّلام و أنّه كان من شيوخ الأصحاب المتكلّمين، و لكن لم
يصرّح بوثاقته أحد فيما نعلم، بل صرّح بعض أرباب الرجال بأنّ حديثه قد يعرف و قد
ينكر.
و لكن يمكن
انجبار ضعفه بعمل المشهور، و ما قد يقال إنّه لا ينجبر بذلك لفساده فممنوع صغرى و
كبرى، أمّا الكبرى فلما ذكرنا في محلّه من أنّ المعيار في حجيّة خبر الواحد هو
الوثوق بالرواية، سواء حصل من ناحية الراوي، أو من نواحي اخر، و القول بأنّ
المعيار