خصوص وثوق
الراوي نظرا إلى ما أرجع فيه إلى الثقات، مدفوع ببناء العقلاء الذي هو الأصل في
المسألة كما لا يخفى على من راجعهم، و تفصيل الكلام في محلّه.
أمّا الصغرى
فهي مفاد مرفوعة الواسطي و ليس ممّا لم يفت به المشهور، فإنّ تحريم السبعة معروف و
مشهور بينهم.
و أمّا
الإشكال على دلالة الرواية بما أفاده العلّامة الأنصاري قدّس سرّه
[1] و تبعه غيره، بأنّ الظاهر حرمة البيع للأكل، و لا شكّ في تحريمه، من
حيث أنّ قصد المنفعة المحرّمة موجب لحرمة البيع بل بطلانه، فيمكن الجواب عنه أوّلا:
بأنّ القصد المذكور كما عرفت لا يوجب فساد البيع، و ثانيا: قد لا يكون هذا القصد
موجودا، بل يشتريه لمنافع اخر.
و من طريق
العامّة ما رواه البيهقي في سننه، عن عون بن جحيفة قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلم نهى عن ثمن الدم [2]، و لكن
الكلام في سند الحديث.
و المهمّ في
المقام أمر آخر، و هو أنّ الدم في سابق الأزمنة لم تكن له منفعة محلّلة معتدّ بها،
و كانت عمدة منافعه الأكل المحرّم، إمّا الصبغ أو التسميد الذي اشير إليه في كلمات
غير واحد، فالظاهر أنّهما كانا من المنافع النادرة، فالحكم بتحريم بيعه يوافق
القواعد و الروايات ناظرة إليه.
أمّا في
زماننا هذا فقد تغيّر هذا الموضوع، حيث يوجد في دم الإنسان منفعة عظيمة لإنقاذ
الجرحى و المرضى الذين يحتاجون إلى الدم النقي، و هذه منفعة معتدّ بها، فهل يمكن
الحكم بتحريم بيعه بحسب الأدلّة التي مرّت عليك؟ الظاهر عدمه، لأنّ رواية الواسطي
و شبهها ناظرة إلى الدماء التي لم تكن لها منفعة غير الأكل المحرّم، و أمّا
القواعد فقد عرفت دلالتها على الجواز في مثل هذا، و حال الإجماع أيضا معلوم، و
النجاسة لا موضوعية لها.
ثمّ أنّه
يبقى الكلام في الدم الطاهر المتخلّف في الذبيحة الذي يحرم أكله، و الظاهر حرمة
بيعه أيضا لما عرفت من عدم المنفعة المحلّلة، و لكن المقدار القليل منه المتعارف
وجوده في اللحم لا يضرّ شيئا، بل لو استهلك في الطعام جاز أكله أيضا.