و لا بدّ أوّلا من ملاحظة دليل الاستثناء، ثمّ الكلام في ملاكه و عنوانه، ثمّ
في حكمه من الجواز و الوجوب و الاستحباب.
فنقول (و منه جلّ شأنه التوفيق و الهداية): استدلّ له بامور:
1- قاعدة الأهمّ و المهمّ إذا كانت هناك عناوين أهمّ مثل الأمر بالمعروف و
النهي عن المنكر و شبه ذلك، و لكن هل مجرّد الإحسان إلى الاخوان أو بعض المصالح
غير اللازمة كافية في هذا المقام؟ الظاهر عدمه، فلو كانت حرمتها ذاتية يشكل رفعها
بهذه الامور.
و الحاصل أنّ مصالح العباد منها واجبة الحفظ و منها مستحبّة، و المدّعى هو
الأعمّ و الدليل أخصّ منه، فتأمّل.
2- ما ورد في قضيّة يوسف: اجْعَلْنِي
عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ، و الإشكال فيه
بأنّه من أحكام الشرائع السابقة مدفوع، أوّلا باستصحابها كما قيل، و ثانيا بأن
ذكرها في القرآن من غير إنكار دليل على جوازها في شرعنا.
و أورد عليه أيضا بأنّ يوسف عليه السّلام كان مستحقّا للسلطنة و إنّما أخذ
حقّه.
و فيه: إنّه استدلّ له الإمام الرضا عليه السّلام كما في غير واحد من الروايات
(راجع الباب 48 من أبواب ما يكتسب به) و لم يستند إلى كونه صاحب حقّ، اللهمّ إلّا
أن يقال إنّ غير واحد منها ناظر إلى مسألة الزهد و الباقي مرسلة، فتأمّل.
3- الأحاديث الخاصّة الواردة في المقام، و قد أشرنا إلى غير واحد منها سابقا،
و تضيف إليها هنا أحاديث اخرى، منها:
1- ما رواه علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام:
«إنّ اللّه تبارك و تعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه» [1].
2- و ما رواه الصدوق رحمه اللّه قال: قال الصادق عليه السّلام: «كفّارة عمل
السلطان قضاء حوائج الاخوان» [2].
3- و ما رواه في المقنع قال: روى عن الرضا عليه السّلام أنّه قال: «إنّ للّه
مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه» [3].
[1]. وسائل الشيعة، ج 12، ص 139،
الباب 46، من أبواب ما يكتسب به، ح 1.