أجل، إنّ أولياء اللَّه يمتعضون ويستاؤون من التملّق والمدح، ويرون في المدح
المقرون بالتملق من العيوب الأخلاقية أيضاً، وفي ذات الوقت لا يسكتون في مقابل
القول الباطل والسلوك المذل المنافي لعزة الإنسان وشرفه، فلو ارتكب شخص مثل هذا
العمل المنافي للأخلاق فإنّهم يسارعون لتوبيخه ولومه.
يقال: إنّ أحد الأعراب جاء إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ليسأله العطاء
وأخذ يتملق له في حديثه قائلًا: ألست ابن خير الامهات والآباء، ألست من حيث
الأبناء أكثر شرفاً! وكنت أكرم من الجميع في أيّام الجاهلية، والآن في الإسلام أنت
زعيمنا وقائدنا ...
فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من هذا الكلام المليء بالتملق والتزلف
وقال لذلك الأعرابي متسائلًا: «كَمْ دونَ لِسَانِك مِنْ حِجابٍ؟».
فأجاب: إثْنَانِ: شَفَتانِ وَأسْنَان.
فقال صلى الله عليه و آله: «فَما كان في
أحَدِ هذَيْنِ مَا يَرُدُّ عَنّا غَرْبَ لِسَانِكَ هذا! أما إنّه لَمْيُعْطَ
أحَدٌ في دُنْياهُ شَيْئاً هُوَ أضَرُّ لَهُ فِي آخِرَتِهِ مِنْ طَلَاقَةِ
لِسَانِهِ» «في مسير الباطل».
وبعد ذلك ومن أجل إسكات هذا الرجل وغلق هذه الصفحة قال النبي الأكرم صلى الله
عليه و آله للإمام علي عليه السلام: «يَا عَلِيُّ
قُمْ فَاقْطَعْ لِسَانَهُ!» فقام الإمام
وأخذ الرجل معه وتحركا بعيداً فأعطاه الإمام بعض الدراهم وأسكت لسانه [2].
ويؤكد الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في عهده لمالك الأشتر فيقول: