و سلم، و حديث عمرو بن دينار عن عكرمة أنه شقّ اسم حسين من حسن [1].
[1] قال الفاضل المعاصر الأستاذ عباس محمود العقاد في «المجموعة الكاملة- العبقريات الإسلامية» ج 2 ص 315 ط دار الكتاب اللبناني- بيروت. عند ذكر بيت علي و فاطمة عليهما السلام:
و ما لبث البيت الصغير أن سعد بالذرية و قد رزق الأبوان الفقيران نصيبا صالحا من البنين و البنات: الحسن و الحسين و محسن، و زينب و ام كلثوم .. و كان أسعد ما يسعدان به عطف الأب الأكبر الذي كان يواليهم به جميعا و لا يصرفه عنه شاغل من شواغله الجسام في محتدم الدعوة و الجهاد، و قد أوشكت كل كلمة قالها في تدليل كل وليد أو الترحيب به أن تصبح تاريخا محفوظا في الصدور و الأوراق.
فلما ولد الحسن سماه والداه حربا فجاء رسول اللّه فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قالوا: حرب! قال: بل هو حسن،
و هكذا عند مولد الحسين، و عند مولد المحسن، و قد مات و هو صغير [و هو سقط جنينا- روى ابن شهر آشوب في «المناقب» ج 3 ص 358 عن كتاب معارف القتيبي: ان محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي. و راجعت على كتاب «المعارف» و لم أعثر عليه و لعله من جملة ما أغارت عليه يد الخونة الظلمة].
و كان يدلل الطفل منهم و يستدرجه، فربما شوهد و هو يعلو بقدمه الصغيرة حتى يبلغ بها صدر النبي، و
النبي يرقصه و يستأنسه و يداعب صغره و قصره بكلمات حفظها الأبوان، و لم يلبث أن حفظها المشرقان .. حزقه .. حزقه .. ترقه .. ترق عين بقّه.
و ربما شوهد النبي عليه السلام ساجدا و طفل من هؤلاء الأطفال راكب على كتفيه، فيتأنى في صلاته و يطيل السجدة لكيلا يزحزحه عن مركبه، و في إحدى هذه السجدات يقول عمر بن الخطاب للطفل السعيد: نعم المطيّة مطيّتك! ..
بل
ربما كان على المنبر، فيقبل الحسن و الحسين يمشيان و يتعثران، فيسبقه حنانه إليهما و ينزل من المنبر ليحملهما، و هو يقول: صدق اللّه العظيم!أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ!*. و كان إذا سمع أحدهما يبكي نادى فاطمة و قال لها: ما بكاء هذا الطفل؟ .. ألا تعلمين ان بكاءه يؤذيني؟ ..
و قد جعل من عادته أن يبيت عندهم حينا بعد حين، و يتولى خدمة الأطفال بنفسه و أبواهم قاعدان. ففي إحدى هذه الليالي سمع الحسن يستسقي فقام صلوات اللّه عليه إلى قربة فجعل يعصرها في القدح، ثم جعل يعبعبه، فتناول الحسين فمنعه و بدأ بالحسن. قالت فاطمة: كأنه أحب إليك؟ قال: إنما استسقى أولا!
و
قد يلفهم جميعا في برد واحد فيقول لهم: أنا و أنتم يوم القيامة في مكان واحد ..
و كانت هذه الأبوة الكبيرة أعز عليهم جميعا من أبوة الأب الصغير،